نشهد بأن هذا العبد لفلان، وفلان لا يدعيه، لم يحكم بذلك، وهكذا لو حضرا قسمة التركة بين الورثة وشهدا بأن هذا العبد لفلان وفلان لا يدعيه، لا يقضى له بها.
قالوا: فإذا لم يحكم بها لم يسمعها؟ قلنا له: فيه فوائد منها أن تزول التهمة عن المقر، والثاني أن يسقط اليمين عن المقر إذا قال المدعي: أحلفوه، والثالث يحلف المدعي مع بيته لأن البينة أخلصت القضاء على الغائب، هذا كله إذا كانت في يد المقر وديعة أو عارية.
فأما إن كانت في يده بعقد إجارة ادعاها وأقام البينة بها، فهل نقضي بالإجارة له على الغائب وبالدار للغائب؟ قال بعضهم: نقضي بذلك، لأنا إنما لا نقضي للغائب بهذه البينة إذا لم يكن فيها حق للحاضر على الغائب، فأما إذا كان فيها حق لحاضر قضينا بمقتضاها فتكون الدار إجارة في يده والملك للغائب، وقال آخرون:
لا نقضي بذلك لأنه إنما يصح الإجارة على الغائب بعد ثبوت الملك، والملك ما ثبت، فكيف تثبت الإجارة؟
فإذا ثبت هذا فكل موضع قضينا بها للمدعي فقال للقاضي: اكتب لي محضرا بما جرى كتب:
" بسم الله الرحمن الرحيم حضر القاضي فلان بن فلان وأحضر معه فلان بن فلان فادعى دارا في يديه فاعترف بها المدعى عليه لغائب معروف فلان بن فلان، فأقام البينة وأقام المدعي البينة فقضي على الغائب ببينته ويمينه، وجعل كل ذي حجة على حجته "، فإذا قدم الغائب نظرت: فإن أقام البينة قضينا له بالدار، وأبطلنا الحكم السابق بها للمدعي، لأن مع الغائب يدا وبينة، فكانت بينة الداخل أولى، وإن لم يقم البينة كان الحكم على ما كان عليه، فإن قال المحكوم له: زد في محضري ذلك، زاد فيه " وحضر الغائب فلم يأت ببينة ". فهذا إذا كان الاعتراف بها لمعروف.
فأما إذا كان الاعتراف بها لمجهول، قال قوم: يقال له: إقرارك بها لمجهول