اعترفوا أنهم شهدوا بالزور، وشاهد الزور يعزر.
إذا حكم حاكم بشهادة شاهدين، ثم بان له أنه حكم بشهادة من لا يجوز له الحكم بشهادته، نظرت: فإن بان أنه حكم بشهادة كافرين، نقض الحكم بلا خلاف، وكذلك عندهم أن كانا عبدين، وإن بان أنهما فاسقان نظرت: فإن كان الفسق بعد الحكم أو قامت البينة عنده بالجرح مطلقة من غير تاريخ لم ينقض حكمه، لأنه يحتمل أن يكون الفسق بعد الحكم ويحتمل أن يكون قبله فلا ينقض حكمه بأمر محتمل، وأما إن كانت بينة الجرح مؤرخة، فإن كان الفسق منهما قبل الحكم وقامت البينة عنده أنهما شربا الخمر أو قذفا حرا قبل الحكم بشهادتهما بيوم، قال قوم: ينقض الحكم، وهو مذهبنا، وقال آخرون: لا ينقضه.
فمن قال: لا ينقضه، فلا كلام، ومن قال: ينقضه، فكل موضع قلنا ينقضه فإن بان له الفسق أو الرق عندهم، الباب واحد، فلا يخلو ما حكم به من أحد أمرين: إما أن يكون حكم بإتلاف أو في مال.
فإن حكم بإتلاف كالقصاص والرجم فلا قود هاهنا، لأنه عن خطأ الحكم، وأما الدية فإنها على الحاكم، وقال قوم: الضمان على المزكين، وروى أصحابنا أن ما أخطات الحكام فعلى بيت المال.
فمن قال: الدية على الحاكم، قال: لا فصل بين أن يكون الحاكم مكن المشهود له من القتل فقتل وبين أن يكون تقدم إلى من قتله بأمره، الباب واحد، وقال بعضهم: ينظر، فإن كان الذي باشر القتل هو الولي فالضمان على الولي، وإن كان الإمام قتله أو تقدم بقتله فقتله رجل من قبله فالضمان على الإمام، والأول أصح، ومن قال: يلزم الحاكم الدية، منهم من قال: يلزم على عاقلته، ومنهم من قال:
يلزم ذلك في بيت المال، وهو مذهبنا.
فأما إن حكم بالمال نظرت: فإن كانت عين المال باقية استردها، وإن كانت تالفة فإن كان المشهود له هو القابض وكان موسرا غرم ذلك، وإن كان معسرا ضمن