فإن شهد اثنان أنه سرق ثوبا قيمته ثمن دينار، وشهد آخران أنه سرق ذلك الثوب بعينه وقيمته ربع دينار، ثبت الثمن بشهادة أربعة، وسقط الثمن الآخر، وقال قوم: يثبت عليه ربع دينار، وهو الأقوى عندي، فمذهب الأول أن يأخذ أبدا بالأقل، والآخر بالزائد.
إن شهد شاهدان أنه قذف فلانا بكارة، وشهد آخران أنه قذفه عشية أو شهد أحدهما أنه قذفه يوم الخميس، وشهد آخر أنه قذفه يوم الجمعة، أو شهد أحدهما أنه قذفه بالكوفة، وشهد الآخر أنه قذفه بالبصرة، لم يثبت بهما القذف، لأن شهادتهما لم تكمل على قذف واحد، لأنهما قذفان، فإن قذف الغداة غير قذف العشي ولا يتعلق بهذه الشهادة حكم، ولا يجوز أن يحلف مع أحدهما، لأن القذف لا يثبت باليمين مع الشاهد، ويكون القول قول المدعى عليه مع يمينه، فإن حلف برئ.
وإن كانت بحالها وكان مكان كل شاهد شاهدان في المسائل الثلاث، فهما قذفان كل قذف بشاهدين، وقد توالى قذفان، قال قوم: يحد حدا واحدا، وقال آخرون: يحد حدين، والأول أقوى.
فإن شهد أحدهما أنه قتله بكرة وشهد الآخر أنه قتله عشيا، أو شهد أحدهما أنه قتله يوم الخميس وشهد الآخر أنه قتله يوم الجمعة، أو شهد أحدهما أنه قتله بالكوفة وشهد الآخر أنه قتله بالبصرة، لم يثبت هذا القتل، لأن الشهادة لم تكمل على قتل واحد، وليس له أن يحلف مع أحدهما على إثباته لأن القتل لا يثبت بالشاهد واليمين، فإن كان مكان كل شاهد شاهدان في المسائل الثلاث تعارضتا، والحكم ما تقدم عندهم يسقط، وعندنا تستعمل القرعة لأن الإنسان لا يقتل مرتين ولا في بلدين.
إن شهد شاهد أنه طلقها بكرة وشهد الآخر أنه طلقها عشيا، لم يثبت الطلاق بشهادتهما، لأن شهادتهما لم تكمل على طلاق واحد، فإن كان مكان كل شاهد شاهدان، ثبتت طلقتان كل طلقة بشاهدين، إلا أن على مذهبنا لا تقع الثانية لما بيناه