شبهة وإن كان حقا لآدمي يسقط بالشبهة، كالقصاص وحد القذف لم يستوف لمثل ذلك.
وأما إن رجعوا بعد الحكم وبعد الاستيفاء، أيضا لم ينقض حكمه بلا خلاف، إلا سعيد بن المسيب والأوزاعي، فإنهما قالا: ينقض، والأول أصح.
فإذا ثبت أن الحكم لا ينقض، فإن المستوفي قد قبض، فلا اعتراض عليه، وما الذي يجب على الشهود؟ لا يخلو المستوفي منه من ثلاثة أحوال: إما أن يكون إتلافا مشاهدة، كالقتل والقطع، أو حكما كالطلاق والعتق، أو لا مشاهدة ولا حكما كنقل المال من رجل إلى آخر، وإن شئت قلت: لا يخلو أن يكون إتلافا أو في حكم الإتلاف أو خارجا عنهما.
فإن كان إتلافا كالقتل والقطع في السرقة وغيرها، ففيها مسائل:
إن قالت الشهود: أخطأنا كلنا فلا قود وتجب الدية مخففة في أموالهم لأنها لا تثبت إلا بالاعتراف، وإن قالوا: عمدنا كلنا وقصدنا أن يقطع أو يقتل، فعليهم القود، وفيها خلاف، وإن قالوا: عمدنا كلنا وقصدنا غير أنا لم نعلم أن الحاكم يقتله بذلك، وكانوا من أهل الجهالة، فهو عمد الخطأ عليهم الدية مغلظة مؤجلة في أموالهم.
وإن قال اثنان: عمدنا كلنا، وقال الآخران: أخطأنا كلنا، فالقود على من قال: عمدنا، لأنهما اعترفا بما يوجب القود، وعلى الآخرين نصف الدية، لأنهما ما اعترفا بما يوجب القود، غير أن عندنا إن قتلهما أولياء المقتول لزمهم أن يردوا دية كاملة على أولياء المقتولين مع نصف الدية المأخوذة يقتسمون ذلك بينهم نصفين، وإن قتلوا واحدا منهما ردوا نصف الدية على أوليائه ويلزم المعترف الآخر بالعمد ربع دية أخرى لهم، ولم يقل بذلك أحد.
فإن قال اثنان: عمدنا كلنا، وقال آخران: عمدنا وأخطأ الآخران، فعلى من قال: عمدنا كلنا، القود، ومن قال: عمدنا وأخطأ الآخران قال قوم: عليهما القود، لأنهما اعترفا بالعمد واعترف الآخران بالعمد، فكان الكل عمدا فلهذا وجب القود،