يختلفون فيما يوجب التفسيق.
الحقوق ضربان: حق لآدميين، وحق لله تعالى.
فإن ادعى حقا لآدمي كالقصاص وحد القذف، والمال واعترف به أو قامت به البينة، لم يجز للحاكم أن يعرض له بالرجوع عنه، ولا بالجحود، لأنه لا ينفعه ذلك، لأنه إذا ثبت باعترافه لم يسقط برجوعه، وإن كان قد ثبت بالبينة لم يسقط عنه بجحوده.
وإن كان حقا لله كحد الزنى والسرقة وشرب الخمر، فإن كان ثبوته عند الحاكم بالبينة لم يعرض له بالرجوع، لأن الرجوع لا ينفعه، وإن كان ثبوته باعترافه، فإن كان المعترف من أهل العلم والمعرفة بأن له الجحود والإنكار، وأنه إذا ثبت باعترافه سقط برجوعه، لم يعرض له بالرجوع، لأنه قد اعترف على بصيرة، وإن كان من أهل الجهالة مثل أن كان قريب عهد بالإسلام، أو كان في طرف بادية من جفاة العرب الذين لا يعرفون ذلك، ساع للحاكم أن يعرض له بما يرجع عن اعترافه، لكنه لا يصرح له بالرجوع، فإن فيه تلقين الكذب، وإنما قلنا بجوازه لأن ماعزا لما اعترف قال له النبي عليه السلام: لعلك قبلتها لعلك لمستها، وروي أن سارقا أقر عنده قال له:
أسرقت أم لا؟
فإذا ثبت هذا نظرت فيما اعترف به: فإن كان اعترف بالزنى قال: لعلك قبلتها لعلك لمستها، وإن كان بالشرب قال: لعله لم يكن خمرا لعله لم يكن مسكرا، وإن كان بالسرقة، قال له: ما أخالك سرقت، لعلك سرقت من غير حرز، فإذا عرض له بذلك، فإن أقام على الإقرار، استوفى الحق منه، وإن رجع، فإن كان الرجوع عن الزنى وشرب الخمر سقط الحد، وإن كان بالسرقة سقط القطع دون الغرم لأنه حق لآدمي.
إذا شهد شاهدان على رجل أنه سرق كبشا فشهد أحدهما أنه سرق غدوة، و شهد الآخر أنه سرق ذلك الكبش عشية، لم تثبت سرقته بهذه الشهادة، لأنها لم