قال: لأن لي بينة أقيمها، أو قال: أنظر في حسابي وأتحقق ما أحلف عليه، أخر، فإذا حلف بعد ذلك حكم له، وإن قال: تركت الحلف ولست أختاره، فقد سقطت اليمين عن جنبته، فلا يعود إليه إلا أن يدعي ثانيا في مجلس آخر، وينكل المدعى عليه عن اليمين، فترد اليمين على المدعي.
والفرق بينهما أنه إذا قال: لست أختار الحلف، فقد أسقط اليمين عن جنبته فلم يعد إليه إلا بسبب آخر، ونكول ثان، وإذا قال: أخرتها لأنظر في حسابي وأنتظر إقامة بينتي، فلم يسقط اليمين، وإنما أخرها فلم يسقط اليمين عن جنبته، وجاز له الحلف بعد ذلك.
والفرق بين المدعى عليه حيث قلنا إذا نكل عن اليمين لا يستثبت، وبين المدعي حيث قلنا أنه إذا ترك اليمين استثبت، أن المدعى عليه إذا استثبت وأنظر وقف الحكم بذلك، والمدعي إذا استثبت وأنظر لم يقف الحكم لأنه ليس هناك حق لغيره من حلف وغيره حتى يقف باستثباته، هذا في دعوى المال والطلاق والنكاح وغير ذلك.
المدعى عليه إذا حلف ثم أقام المدعي بعد ذلك بينة بالحق فعندنا لا يحكم له بها ولا تسمع، وبه قال ابن أبي ليلى وأهل الظاهر، وقال الباقون: تسمع ويحكم بها، فإذا ثبت هذا، فإن كان قال حين استحلف المدعى عليه: حلفوه فإن بينتي غائبة لا يمكن إقامتها، ثم حضرت البينة وأقامها حكم له بها بلا خلاف، وإن كان قال: ما لي بينة حاضرة ولا أقيمها فحلفوه، فلما حلف أقام البينة حكم له بها أيضا ويكون غرضه ربما ينزجر عن الحلف فيقر بالحق ويستغني عن تكلف إقامة البينة أو يريد أن يحلفه ثم يقيم البينة ليبين كذبه، وإن كان قال: ليس لي بينة وكل بينة تشهد لي كاذبة، فحلف المدعى عليه ثم أقام البينة فإنه يحكم له بها عند من قال بذلك.
وقال بعضهم: لا يحكم له لأنه قد جرح بينته، ومنهم من قال: إن كان هو الذي أقام البينة بنفسه والإشهاد عليه لا تسمع بينته لأنه كان يعلم أن له بينة وقد جرحها، وإن كان غيره تولى ذلك سمعت منه، والصحيح عندهم أنه تسمع البينة على كل