ولا يخلو القاضي من أحد أمرين: إما أن يعرفهما أو لا يعرفهما.
فإن كان يعرفهما بأنسابهما وأسمائهما بدأ بالمدعي فقال: فلان بن فلان وأحضر معه فلان بن فلان الفلاني - والأولى أن يضبط حليتهما، فإن أخل بها جاز لأن الاعتماد على النسب - فادعى عليه كذا وكذا فاعترف له فسأله أن يكتب له محضرا فكتب له في وقت كذا وكذا، ويعلم الحاكم على رأس المحضر بعلامته التي يعلم بها " الحمد لله رب العالمين " " الحمد لله على مننه " ونحو هذا.
ولا يحتاج أن يقول في هذا المحضر في مجلس حكمه وقضائه لأن الحق يثبت باعترافه والاعتراف يصح منه في مجلس الحكم وفي غيره، ولا يحتاج أن يقول: بشهادة فلان وفلان، ولا في آخر المحضر: شهدا عندي بذلك، لأن الحق يثبت بالاعتراف عنده لا بالشهادة، فإن كتب فيه أقر وشهد على إقراره شاهدان كان أوكد، هذا إذا كان الحاكم يعرفهما.
فأما إن لم يكن يعرفهما كتب على ما قلناه، غير أنه يقول في المدعي: حضر رجل ذكر أنه فلان بن فلان الفلاني وأحضر معه رجلا ذكر أنه فلان بن فلان الفلاني، ويكون الاعتماد هاهنا على الحلية فيذكر الطول والقصر، ويضبط حلية الوجه من سمرة وشقرة، وصفة الأنف والفم والحاجبين والشعر سبطا أو جعدا، وقال ابن جرير: إذا لم يعرفهما الحاكم لم يكتب محضرا لأنه قد يستعير النسب، وبه قال بعض أصحابنا، والأول أقوى، لأن المعول على الحلية ولا يمكن استعارتها.
فأما إن أنكر، لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون مع المدعي بينة أو لا بينة له.
فإن كان له بينة فالحاكم أولا يسأله، ألك بينة؟ ولا يقول: أحضر بينتك، بل يسأله، فإذا قال: نعم، يقول له: إن شئت أقمتها، ولا يقول له أقمها، لأنه أمر، فإذا أقامها لم يلزم الحاكم أن يسمعها حتى يسأله المدعي أن يسمعها، لأنها قد يحضر ولا يرى أن يشهد له، فإذا سأل الحاكم استماعها قال الحاكم: من كان عنده شئ فليذكر، ولا يقول الحاكم: اشهدا عليه، لأنه أمر بذلك، فإذا شهدا عنده بذلك