المختلف فيه كان للذي إليه الرد أن يرد، فإن أراد المقام على العقد والصبر كان ذلك جائزا له، وإن لم يرد ذلك واختار الفسخ كان ذلك له، وفي الناس من قال: لا يفسخ عليه إلا الحاكم، وعندنا أن ذلك جائز ويجوز أيضا أن يفسخ الرجل ذلك بنفسه وكذلك المرأة.
فإن اختلف المتزوجان فقال أحدهما: هذا جذام أو برص، وقال الآخر: هو مرار، كان القول قول الزوج مع يمينه إن كان ذلك به أو القول قول الزوجة مع يمينها إن كان ذلك بها حتى تقوم البينة بشاهدين من أهل الطب بأنه جذام أو برص ثم يكون الخيار بعد ذلك في الفسخ أو الرضا والصبر عليه.
وأما الجنون فضربان: أحدهما يخنق والآخر يغلب على العقل من غير حدوث مرض وهذا أكثر من الذي يخنق، وأيهما كان حاصلا بأحد الزوجين كان للآخر خيار بين الفسخ والرضا به والصبر عليه، والقول في الفسخ هل يكون بالحاكم أو بغيره؟ يجري على ما قدمناه في الجذام والبرص.
فأما إن غلب على العقل مرض غير ذلك فليس فيه خيار لا سيما إذا برئ من مرضه وزال الإغماء، فإن زال المرض ولم يزل الإغماء كان ذلك كالجنون ولصاحبه الخيار بين الفسخ أو الرضا به، وعندنا أن الجنون بالرجل إذا كان يعقل معه أوقات الصلوات فليس يتعلق به خيار.
فأما الجب فمنه ما يمنع من الجماع ومنه ما لا يمنع منه، فالأول مثل إن جب جميعه أو بقي منه شئ لا يجامع بمثله فللزوجة هاهنا الخيار بين الفسخ أو الرضا به، وأما الآخر فإن يبقى منه شئ يمكن الإيلاج به في الفرج بمقدار غيبوبة حشفة الذكر فيه فهذه لا خيار لها معه لأن جميع أحكام الوطء متعلقة بذلك.
وأما العنين فهو الذي لا يأتي النساء وسنذكر حكمه فيما بعد.
فإن بان أن الزوج خصي وهو مسلول الخصيتين فلا خيار لها في ذلك لأن الخصي أكبر من الفحل وإنما لا ينزل، وقد قيل: إن لها الخيار، لأن عليها فيه نقيصة وهو الأظهر، لأن عقدها عليه عقد تناول رجلا سالما من العيب في هذا الشأن.