" وذي خشب " بضمتين: واد على مسيرة ليلة من المدينة.
ولا يخفى أن الكلام والنزاع بين المسلمين في الصدر الأول كان في مقدار المسافة الامتدادية، أعني الواقعة بين مبدأ السفر والمقصد، ولم يكن بينهم اسم من التلفيق، فكان أبو حنيفة يعتبر في البعد الواقع بين المبدأ والمقصد أن يكون بمقدار ثلاث مراحل، والشافعي بمقدار مرحلتين. فمحط النظر في الخبر وأمثاله أيضا بيان مقدار البعد في قبالهم. فالخبر وأمثاله ظاهرة في الامتدادية، ويستفاد منها عدم ثبوت القصر إذا كان المسافة الواقعة بين المبدأ والمقصد أقل من ثمانية، اللهم إلا أن يقال: إن الرواية ليست في مقام بيان أدنى المسافة وأن أقلها ثمانية، بل هي بصدد بيان سفر خارجي صدر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذي خشب فقصر فيه، لرد أبي حنيفة أمثاله القائلين بالمرحلتين والمراحل. فمراده (عليه السلام) بيان أن الأقل من المراحل أيضا يوجب القصر متمسكا بعمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث سافر إلى ذي خشب فقصر وأفطر مع عدم كونه بمقدار المراحل. وبالجملة الحديث بصدد رد اعتبار الزائد على الثمانية، لا بصدد بيان أقل المسافة، فافهم.
2 - ما رواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): في كم يقصر الرجل؟ فقال: " في بياض يوم أو بريدين. خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذي خشب فقصر. " فقلت: فكم ذي خشب؟ فقال: " بريدان. " (1) 3 - ما رواه أيضا بإسناده عنه، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة، قال:
سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة؟ فقال: " في مسيرة يوم، وهي ثمانية فراسخ. من سافر فقصر الصلاة أفطر، إلا أن يكون رجلا مشيعا، أو يخرج إلى صيد أو إلى