بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم، فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره، إذ كان نظيره مثله لا فرق بينهما. " (1) ومراده (عليه السلام): أن ما يوجب الترخيص في القصر، أعني المشقة الزائدة الحاصلة بالسفر، إنما تتحقق في حال السير فقط. فكل يوم يتحقق فيه بالسير مشقة زائدة على حال الحضر، وهي التي توجب القصر، وهذه المشقة ترتفع في الليل بالاستراحة، وتتجدد في اليوم الثاني بالسير وهكذا. فإذا لم يكف المشقة الحاصلة في يوم لإيجاب القصر لم يكف المشقة الحاصلة بعد هذا اليوم أيضا.
وبعبارة أخرى: الناس في الحضر أيضا يتحملون المشاق لتأمين المعاش، غاية الأمر أن السفر يزيد المشقة، فثبت القصر لتلك المشقة الزائدة، ومشقة كل يوم ترتفع بالاستراحة في الليل، فلو لم يكن هذا المقدار من المشقة موجبا للقصر لما وجب في مسيرة ألف سنة أيضا لحصول الفترة بين المشقات بالاستراحة في الليل.
10 - ما رواه أيضا في العيون، عن الفضل بن شاذان، عن الرضا (عليه السلام) في كتابه إلى المأمون: " والتقصير في ثمانية فراسخ وما زاد، وإذا قصرت أفطرت. " (2) إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الدالة على كون المسافة الموجبة للقصر ثمانية فراسخ. وإن أبيت عن دلالة بعضها على تحديد المسافة من جانب القلة بنحو ينافيها أخبار الأربعة فلا ريب في أن أكثرها ظاهرة في أن أقل ما يوجب القصر هو الثمانية، بل بعضها صريحة في ذلك، بحيث ينفي الأقل، كخبر فضل بن شاذان السابق. وقد عرفت أن المتبادر من الجميع هو الثمانية الامتدادية التي يبعد المسافر بسبب طيها عن مبدأ سيره.