حصول البعد بمقدار يخفى معه المسافر أو البيوت، والرواية الثانية تدل على أن الملاك فيه حصول البعد بمقدار يخفى معه الأذان. وعلى ما ذكرناه من مراتب الحدين فإثبات اختلاف هذين البعدين مشكل. ولعل المراد من الرواية الأولى خفاء نفس المسافر وجثته، ومن الرواية الثانية خفاء أذان يفرض في آخر البلد في جهة طريق المسافر على المأذنة بصوت رفيع بحيث لا يسمع الصوت أصلا، ولعلهما متقاربان أو متلازمان، فلا يثبت التعارض بين الروايتين حتى يجمع بينهما أو نختار الترجيح أو التخيير.
الوجه الثاني أن يقال: إن الخبرين ليسا في مقام بيان الموضوع الواقعي، بل لعل الموضوع الواقعي لثبوت الترخص بعد مخصوص واقعي يطلع عليه الشارع، ولكنه لما كان العلم به والاطلاع عليه لغير الشارع أمرا مشكلا جعل لتشخيصه أمارتين ظاهريتين، فالحكم في كل من الروايتين حكم ظاهري يجوز للمكلف أن يعتمد عليه ما لم ينكشف الواقع، والنكتة في تعدد الأمارة تمكن بعض المسافرين من هذه الأمارة وتمكن بعضهم من الأخرى. وبالجملة الروايتان بصدد بيان الحكم الظاهري، فلا مجال لإعمال المعارضة بينهما.
هذا كله بناء على عدم تسليم التعارض. ولو سلم فهل يقدم الجمع بينهما، أو الترجيح، أو التخيير؟
الظاهر أن الجمع مهما أمكن أولى من الطرح، وفاقا للشيخ الأنصاري (قده) ومن تبعه، (1) غاية الأمر وجوب تقييده بما إذا كان جمعا عرفيا. وبالجملة الجمع مقدم على شقيقيه.
هذا بناء على وجود ملاك الترجيح في المقام، ولكن لنا منعه، حيث إن الملاك في