المعصية مناف لأخبار الباب، إذ المستفاد منها أن موضوع القصر هو المسير الحق وأن المسير الباطل لا يوجب القصر ولا يكون سببا لا بنحو العلية التامة ولا بنحو الجزئية لها، فوجوده وعدمه سواء لا كرامة فيه أصلا. وبالجملة بعد ضم أخبار الباب إلى أخبار المسافة يتحصل من المجموع أن موضوع القصر ليس مطلق الثمانية، بل طي الثمانية بشرط أن لا يكون مسير باطل وأن يكون في سبيل حق ونحو ذلك من التعبيرات الواردة في الروايات.
فإن قلت: سلمنا ظهور الأخبار في أن سفر المعصية لا يؤثر في ثبوت القصر من جهة أن فاعله لا يستحق للإرفاق، لكن الظاهر منها أنه بنفسه لا يوجب القصر ولا يكون علة لثبوته، وأما كون وجوده كالعدم، بحيث لا يصير جزء للسبب أيضا، فلا يستفاد من الأخبار. فبضم قسمة المعصية إلى قسمة الطاعة يصير المجموع علة لثبوت القصر في حال الطاعة.
قلت: ليس قسمة المعصية بالنسبة إلى ثبوت القصر في حالها علة تامة وبالنسبة إلى ثبوته في حال الطاعة جزء من العلة حتى يقال: إن ما دل عليه الأخبار نفي العلية التامة لا الناقصة، بل هي بالنسبة إلى ثبوت القصر في حالها أيضا جزء سبب، إذ الموضوع للقصر هو مجموع البريدين، فكل جزء فرضت منهما فنسبته إلى جميع الصلوات الواقعة حال طيهما على حد سواء، بمعنى أن كل جزء من أجزاء البريدين جزء سبب لثبوت القصر بالنسبة إلى كل واحدة من الصلوات الواقعة في حال طيهما.
وعلى هذا سلمت عدم تأثير قسمة المعصية في ثبوت القصر بالنسبة إلى حال المعصية فعليك أن تلتزم بعدم تأثيرها فيه أصلا، لما عرفت من أن دخالتها في الجميع إنما تكون بنحو الجزئية للسبب، فتأمل.
ولنا أن نقرب الوجه الثالث ببيان آخر أيضا، وهو أن يقال: إن الصلاة بحسب طبعها ووضعها تامة، فلا يحتاج ثبوت الإتمام فيها إلى موجب، وإنما القصر يتوقف