الأخبار على مفهومه العرفي عند العجم حملا له على الأفراد النادرة.
ويشهد لذلك أيضا أن الوطن العرفي باصطلاح العجم وصف للبلد الذي يسكن فيه الشخص، ولا يوصف به المنزل، مع أن الاستيطان في الأخبار قد أضيف إلى نفس المنزل، فيعلم بذلك أن المقصود في الأخبار المفصلة ليس بيان قاطعية الوطن العرفي العجمي الذي لا ريب في قاطعيته بل لا ينبغي البحث عنها، بل المقصود فيها بيان التفصيل في المسألة التي تداول البحث عنها بينهم مع فرض انحفاظ موضوع البحث، والاستيطان المذكور فيها ولا سيما باعتبار إضافته إلى نفس المنزل لا يراد به إلا السكون والإقامة، فيصير محصل الروايات أن المار بالضيعة يجب عليه أن يقصر فيها إلا أن يكون له فيها منزل يسكنه؛ فإن المارين بضياعهم على قسمين: قسم منهم لا يهيء لنفسه في ضيعته منزلا يسكنه إذا مر بها بل ينزل في منازل رعاياه، وقسم منهم يهيء لنفسه في الضيعة والقرية منزلا ويعد فيه أسباب التعيش لينزل فيه إذا مر بقريته لقضاء حوائجه من ضبط المحصولات والتنزه نحوهما ولكنه مع ذلك لا يكون إقامته في القرية بنحو يصدق عليها أنها مقر إقامته وأنها وطن له بمفاده عند العجم حتى يكون وصوله إلى القرية موجبا لخروجه من كونه مسافرا عرفا. والإمام (عليه السلام) حكم بوجوب الإتمام على القسم الثاني، أعني من كان له فيها منزل يسكنه إذا مر بها، وبين مقدار السكون الكافي في الحكم بالإتمام في رواية ابن بزيع بكونه ستة أشهر. والتعبير وإن كان بلفظ المضارع لكن الواجب حمله على أصل التحقق المنطبق على المضي قهرا، لما عرفت من عدم جواز الحمل على الحال أو الاستقبال أو الاستمرار، وليس الحكم بوجوب الإتمام في المقام بسبب صيرورة القرية وطنا عرفيا أو شرعيا، لما عرفت من أن الحكم ليس معلقا على الوطنية بل الحكم بالإتمام هنا من باب التخصيص ويكون خروجه من أدلة القصر خروجا تعبديا، ولا بعد في ذلك بعد ما نهض عليه الأدلة، فتدبر.