والمقر الفعلي للشخص بحسب طبعه ووضعه الفعلي، وقد أوضحنا ذلك في صدر المبحث. نعم، ربما يتبادر بحسب عرف العجم من تلك الألفاظ مفاهيم أخر، كمسقط الرأس ومحل إقامة الآباء والأمهات أو ما اتخذ مقرا بالقصد أو نحو ذلك، لكن الاعتبار باللغة وعرف العرب كما لا يخفى وجهه.
وكيف كان فيمكن القول باستفادة ما نسب إلى المشهور من رواية ابن بزيع بعد تعذر حمل المضارع فيها على الحال والاستقبال والاستمرار، فيكون الفعل فيها منسلخا عن الزمان ويكون المراد أن إقامة ستة أشهر في موضع بفعليتها وخارجيتها تؤثر في وجوب الإتمام بالمرور عليه، فتدبر جيدا.
وينبغي التنبيه على أمرين:
الأول: أن قوام ما سموه وطنا شرعيا بأمرين:
1 - أن يكون له في الموضع الممرور به ملك ثابت من ضيعة أو دار، بل ولو كان نخلة واحدة كما في رواية عمار، بل اكتفى بعضهم بنصف النخلة، سواء كان الملك قابلا للسكنى كالدار أم لا كالنخلة.
2 - أن يكون الموضع مما استوطنه ستة أشهر ولو متفرقة حال كونه مالكا فيه.
واستفادوا الشرط الأول من رواية عمار، والثاني من رواية ابن بزيع، والتعميم لصورتي التوالي والتفرق من إطلاق قوله: " يقيم فيه ستة أشهر ".
وليس في كلامهم تقييد الإقامة بكونها بقصد الاستيطان واتخاذ المكان وطنا أو بقصد البقاء فيه دائما، كما أن الرواية أيضا خالية عن أمثال هذه القيود. والاستيطان المذكور فيها ليس إلا بمعنى نفس الإقامة، ولذا فسره بقوله: " يقيم ".
الثاني: لا يخفى أن المذكور في كلامهم أن مرور المسافر بالموضع الذي له فيه ملك وقد استوطنه ستة أشهر مما يوجب الإتمام، من دون أن يطلقوا عليه لفظ الوطن الشرعي، وإنما حدث هذا الاصطلاح على ألسنة متأخري المتأخرين، وقد عرفت أنه