البدر الزاهر في صلاة الجمعة والمسافر - الشيخ المنتظري - الصفحة ٢١٧
حكم السفر عند المرور بهذا المنزل خروج تعبدي لا حقيقي، وبهذا البيان صار ما نسب إلى المشهور في هذا المقام قويا، فتدبر جيدا. (1)
1 - أقول: إطلاق الوطن على البلد قد ورد في سؤال علي بن يقطين بإحدى الروايات عنه، حيث قال " وله بالمصر دار وليس المصر وطنه " (د - مما ذكر سابقا).
ثم لا يخفى أن عمدة ما بنى عليه الأستاد (مد ظله العالي) حمل رواية ابن بزيع على الوطن الشرعي وعدم جواز حملها على الوطن العرفي أمران: 1 - أن الاستيطان في الروايات أضيف إلى المنزل لا البلد. 2 - أن المضارع في الأخبار لا يمكن أن يحمل على الحال ولا الاستقبال ولا الاستمرار، فيجب أن يحمل على المضي.
أقول: لأحد أن يحمل المضارع في الأخبار على الحال ولكن بنحو من التوسعة ويقرب الروايات بنحو تكون بصدد بيان معنى عرفي، بتقريب أن الاستيطان لما أضيف فيها إلى المنزل يراد به نفس الإقامة والسكون، فيرادف قوله: " يستوطنه " قول العجم: " حالا مى نشيند آنجا. " فإذا استأجر زيد لنفسه دارا وأعد فيها وسائل التعيش وأسكن فيها زوجته وأولاده وسكن فيها بنفسه أياما ثم قيل له: " حالا كجا مى نشينى؟ " يقول في مقام الجواب: " حالا در خانه فلان مى نشينم. " وإذا اتفق له سفر في هذا الأثناء وسئل في حال السفر بذاك السؤال بعينه أجاب بعين هذا الجواب ويريد بذلك مسكنه الذي استقر فيه أهله فعلا ويرجع هو أيضا إليه، ففي حال كونه في السفر أيضا استعمل بالنسبة إلى منزله لفظة " حالا " التي هي بمعنى الحال بضرب من التوسعة ولو كان من أول استيجاره للدار إلى زمن السؤال ستة أشهر قال في مقام الجواب: " حالا شش ماه است فلان خانه مى نشينم. " وذلك من جهة اتصال نهاية الستة بالآن الحاضر، ولو لا ذلك لم يستعمل لفظة: " حالا " ولم يعبر ب " مى نشينم "، بل كان يقول: " مى نشستم. " وعلى هذا يصير مفاد الروايات وجوب الإتمام إذا مر في سفره بالمنزل الذي يسكنه فعلا، أي يكون مقرا فعليا لأهله وعياله يرجع هو أيضا إليه بعد قضاء وطره من السفر، وبمقتضى رواية ابن بزيع تقيد الروايات بما إذا كان من بدو سكناه إلى زمن الحال ستة أشهر، وقد عرفت أن اتصال نهاية الستة بزمان الحال مصحح لاستعمال المضارع الموضوع للحال والاستقبال، ولعل اعتبار الستة ليس من باب التعبد، بل ليصدق على المنزل كونه مقرا فعليا له عرفا. وعلى هذا فلا يعتبر قصد الدوام، لا يكفي إقامة الستة في المستقبل ولا الستة بنحو التفرق، ولا نسلم أن المفروض في الروايات كون المقر الفعلي له غير هذا المكان، إذ من المحتمل أن يكون إنشاء السفر من بلد أقام فيه عشرة أيام مثلا ومر في أثنائه بمقره الفعلي، فتدبر. ح ع - م.