المشهور من كفاية الاستيطان ستة أشهر فيما مضى. فيجب حمل المضارع في الروايات على ما هو ظاهره من الاستمرار، ويكون المراد من قوله (عليه السلام) في تفسير الاستيطان: " أن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر " كون المرور بالضيعة موجبا للإتمام إذا كان له فيها منزل كان من عادته أن يقوم فيه في كل سنة ستة أشهر، يتكرر ذلك منه في جميع السنوات من الماضية والحاضرة والمستقبلة.
وإن شئت قلت: إن المراد بقوله: " يقيم فيه ستة أشهر " الإقامة في الحال أو الاستقبال أو بنحو الاستمرار. لا إشكال في بطلان الأولين، فإن إقامة ستة أشهر في المستقبل لا يعقل أن تصير موجبة لثبوت الإتمام فعلا، إذ الإقامة شرط لثبوته وما لم يتحقق الشرط لا يتحقق المشروط، والإقامة في الحال أي في هذا السفر الذي مر فيه بمنزلة أيضا ليست بمرادة قطعا، إذ محط النظر في أخبار الباب بيان ثبوت الإتمام بنفس المرور ولو آنا ما من جهة تحقق الاستيطان مع قطع النظر عن هذا السفر، فتعين الحمل على الاستمرار وهو المطلوب. هذا.
ويمكن أن يناقش في ذلك بأن الاعتبار هل يكون بجميع السنوات من زمن التولد إلى الممات، بحيث لا يتخلف عنها سنة، أو يكفي الأقل من ذلك؟ لا شبهة في بطلان الأول. وأما على الثاني فيصير الموضوع مجملا من حيث المبدأ، فيحتمل أن يكون الاعتبار بعشر سنوات مثلا قبل الحاضرة، وأن يكون بخمس ونحو ذلك، فمن أي سنة يبتدأ السنوات المعتبرة؟
هذا مضافا إلى أن الإقامة في السنوات الماضية قد تحققت لا محالة وأما في الآتية فلم تتحقق بعد، فكيف تعتبر في الإتمام فعلا؟! ولو قيل بكفاية قصدها بالنسبة إلى الآتية لزم أن يكون قوله " يقيم " بمعنى نفس الإقامة بالنسبة إلى السنوات الماضية بمعنى قصدها بالنسبة إلى السنوات الآتية، وذلك مساوق لاستعمال اللفظ في معنيين. ولو قيل بعدم الاعتبار بالسنوات الماضية أصلا وكفاية قصدها فقط بالنسبة