وأول من عنون المسألة بنحو التفصيل الشهيد الأول في الذكرى والبيان وتبعه الشهيد الثاني وبعض آخر، (1) فقالوا إن المبدأ آخر خطة البلد في البلاد المتعارفة، آخر المحلة في البلاد المتسعة. وفي جامع المقاصد: أنه لو كان في موضع وحده كساكن البر أو موضع لم يكن في البلد فهو بمنزلة ما إذا كان منزله في نهاية عمارة البلد. (2) وكيف كان فالمسألة من التفريعات التي يجب فيها إعمال النظر والاجتهاد، ليست من المسائل الأصلية المتلقاة عن الأئمة (عليهم السلام) يدا بيد، ولذا لم تذكر في كتب القدماء من أصحابنا وليس منها اسم في كتبهم، فادعاء الشهرة أو الإجماع فيها غريب.
والأقوى فيها هو الوجه الثالث. ويدل عليه أن عنوان السفر وعنوان الإقامة متقابلان عرفا، كما يستفاد من قوله تعالى: (يوم ظعنكم ويوم إقامتكم). (3) عنوان المقيم إنما يطلق على الشخص باعتبار توطنه في بلد خاص من دون نظر إلى كونه ساكنا في منزل مخصوص من منازله، فيقال: فلان مقيم بلدة قم مثلا من جهة كونه مترددا دائما في شوارعه ومحلاته لقضاء حوائجه اليومية. فما دام كون الشخص في البلد، وإن كان يتردد في شوارعه، يطلق عليه المقيم عرفا. فإذا قيل: سافر فلان، تبادر إلى أذهان السامعين أنه خرج من البلد الذي كان متوطنا فيه وتغرب منه.
وبالجملة المتبادر إلى ذهن العرف من لفظ السفر هو التغرب من الوطن ومحل الإقامة، ويحصل ذلك بالخروج من خطة البلد ونهايته، إذ مجموع البلد يعد محلا