رواية عمرو بن أبي المقدام وزرارة " يمسح جبينه وكفيه " (1). لنا قوله تعالى * (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) * (2) والباء إذا دخلت على المتعدي ببعضه لوجهين:
أحدهما: إنه لولا ذلك لبطلت فائدتها، إذ لا وجه إلا الزيادة أو التبعيض ولو كانت زائدة لكانت لغوا وإلغائها خلاف الأصل فتعينت للتبعيض. ولو قيل أنكر جماعة وجوب التبعيض في اللغة قلنا عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، ثم نقول ما ذكرناه منقول عن جماعة من الفضلاء مع أنه مروي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام وفي قوله كفاية.
الثاني: إنها استعملت مع الفعل المتعدي للتبعيض فيكون حقيقة فيه دفعا للمجاز.
أما الاستعمال فلما رواه أنس أن النبي صلى الله عليه توضأ ورفع مقدم عمامته وأدخل يده تحتها فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة (3).
وعن سلمة بن الأكوع أنه كان يمسح ببعض رأسه. وكان ابن عمر يمسح اليافوخ. وعن أحمد بن حنبل كانت عايشة تمسح مقدم رأسها. وروي أن عثمان مسح مقدم رأسه بيده مرة واحدة، ولم يستأنف ماء ا جديدا.
حين حكي وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وأفعالهم وقعت امتثالا لمدلول الآية، فيكون ذلك هو المراد، إذ لو كان المراد بالآية مسح الرأس كله لبطل فعل هؤلاء وإذا أريد بالباء هناك التبعيض وجب أن يكون هنا كذلك دفعا للاشتراك، ثم نقول قال سيبويه باء الجر إنما هي للإلصاق تقول ضربته بالسوط، معناه ألزقت ضربك إياه بالسوط فما اتسع في هذا الكلام فهذا أصله، وبتقدير أن يكون معناها منحصر في الإلصاق