وأما رواية محمد بن مسلم فمرسلة، لأنه قال سمعته والمسموع منه مجهول.
وأما رواية زرارة فمضمونها أنه يطلب الماء ما دام في الوقت فإذا خاف أن يفوته الوقت تيمم والطلب يؤذن بإمكان الظفر لأنه لولا إمكان الظفر لكان عبثا، فإذن ما قاله ابن الجنيد جيد.
الرابع: لو كان العذر غير عدم الماء كالمرض الذي يعلم من حاله الاستمرار، فإن قلنا التأخير لرجاء الإصابة سقط التأخير هنا، وإن قلنا هو شرط غير معلل برجاء الإصابة لم يقسط.
الخامس: لو ظن ضيق الوقت لأمارة فتيمم وصلى ثم بان غلطه، ففي الإعادة تردد ظاهر كلام الشيخ في كتبه الأخبارية، وجوب الإعادة. ويقوى عندي أنه لا إعادة، لأنه تطهر طهارة شرعية وصلى صلاة مأمورا بها فتكون مجرية. لا يقال شرط التيمم التضييق، لأنا لا نسلم بل لا يكون شرطه ظن التضييق، وظاهر أنه كذلك لأن الشرع لما لم يجعل على التضييق دلالة دل على إحالته على الظن.
ويمكن أن يستدل على ذلك برواية زرارة ومعاوية بن ميسرة ويعقوب بن سالم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في رجل تيمم وصلى ثم بلغ الماء قبل خروج الوقت فقال: " ليس عليه إعادة إن رب الماء ورب التراب واحد " (1) ولا وجه لها على القول بالتضييق إلا ما ذكرناه. وما تأولها الشيخ به رحمه الله في التهذيب، بعيد عن الظاهر.
مسألة: وهل يجب استيعاب الوجه واليدين فيه روايتان:
إحديهما: يجب، اختاره ابن بابويه، ومثله قال الشافعي. وقال أحمد بن حنبل:
يستوعب الوجه والكفين حسب. وقال أبو حنيفة: يجوز الإخلال برفع الوجه.
والأخرى لا يجب، بل يمسح الجبهة وظاهر الكفين، وهو اختيار الثلاثة وأتباعهم، وابن الجنيد. وقال أبو جعفر بن بابويه: يمسح جبينه وحاجبيه. وفي