ومن طريق الأصحاب ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل يصيب ثوبه جسد الميت؟ فقال: " يغسل ما أصاب الثوب " (1). وما رواه الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن إبراهيم بن ميمون قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يضع ثوبه على جسد الميت قال: " إن كان الميت غسل فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه وإن كان لم يغسل الميت فاغسل ما أصاب ثوبك منه " (2).
لا يقال لو نجس لما طهر بالغسل؟ لأنا نمنع الملازمة فإن قال بالقياس على الميتات والعذرة النجسة طالبناه بوجه التسوية فإن أحكام النجاسات مختلفة والتطهير والتنجيس لا يستمران على القياس ثم يفرق بين المسلم وغيره من الميتات باختصاصه بالانتقال إلى جوار ربه فيشرع في حقه لتطهير بالغسل إكراما ورفعا عن بقائه على النجاسة، ونجاسة الميت نجاسة عينية لكنها تزول بالغسل. أما أنها عينية فلكونها تتعدى إلى ما يلاقيها، وقد دل على ذلك رواية إبراهيم بن ميمون التي سلفت. وأما زوالها بالغسل فعليه إجماع أهل العلم.
فرع إذا وقعت يد الميت بعد برده وقبل تطهيره في مائع فإن ذلك المائع ينجس، ولو وقع ذلك المائع في مائع آخر وجب الحكم بنجاسة الثاني وخبطه بعض المتأخرين فقال: إذا لاقى جسد الميت إناءا وجب غسله فلو لاقى ذلك الإناء مائعا لم ينجس المائع لأنه لم يلاق جسد الميت وحمله على ذلك قياس والأصل في الأشياء الطهارة إلى أن يقوم دليل، لأن هذه نجاسات حكميات ليست عينيات.
قال: ولا خلاف بين الأمة كافة أن المساجد يجب أن تجنب النجاسات العينية.