وقد أجمعنا بغير خلاف بيننا أن من غسل ميتا له أن يدخل المسجد ويجلس فيه، فلو كان نجس العين لما جاز ذلك، ولأن الماء المستعمل في الطهارة الكبرى طاهر بلا خلاف. ومن جملة الأغسال غسل من مس ميتا ولو كان ما لاقى الميت نجسا لما كان الماء الذي يغسل به طاهرا.
والجواب: عمن ذكره أن نقول لا نسلم أن الإناء النجس بملاقات الميت أو اليد الملامسة للميت بعد برده لو لاقت مائعا لم ينجس. قوله لأن الحكم بنجاسة المائع قياس على نجاسة ما لاقى الميت.
قلنا هذا الكلام ركيك لا يصلح دليلا على دعواه، بل يصلح جوابا لمن يستدل على نجاسة المائع الملاقي لليد بالقياس على نجاسة اليد الملاقية للمائع، لكن أحدا لم يستدل بذلك، بل نقول لما اجتمعت الأصحاب على نجاسة اليد الملاقية للميت، وأجمعوا على نجاسة المائع إذا وقعت فيه نجاسة، لزم من مجموع القولين، نجاسة ذلك المائع لا بالقياس على نجاسة اليد، فإذا ما ذكره لا يصلح دليلا ولا جوابا.
قوله لا خلاف أن المساجد يجب أن تجنب النجاسات ولا خلاف أن لمن مس ميتا أن يجلس في المسجد ويستوطنه. قلنا هذا دعوى عرية عن برهان ونحن نطالبك بتحقيق الإجماع على هذه الدعوى ونطالبك أين وجدتها، فإنا لا نوافقك على ذلك، بل نمنع الاستيطان، كما نمنع من على جسده نجاسة ويقبح إثبات الدعوى بالمجازفات.
قوله الماء المستعمل في الطهارة الكبرى طاهر. قلنا هذا حق. قوله فيكون ماء المغتسل من ملامسة الميت طاهرا. قلنا هذا الإطلاق ممنوع، وتحقيق هذا أن ملامس الميت ينجس يده نجاسة عينية ويجب عليه الغسل وهو طهارة حكمية، فإن اغتسل قبل غسل يده نجس ذلك الماء بملاقاة يده التي لامس بها الميت، أما لو غسل يده