أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله طلب رجلا من حي جهينة فأخطأه فأصاب نفسه بسيفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخوكم يا معشر المسلمين فابتدره الناس فوجدوه قد مات فكفنه رسول الله صلى الله عليه وآله بثيابه ودمائه وصلى عليه، فقالوا يا رسول الله أو شهيد هو؟ فقال:
نعم وأنا له شهيد " (1).
واحتج الشافعي بما رواه جابر " أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بدفن قتلى أحد بدمائهم ولم يغسلهم ولم يصل عليهم " (2) وبأن الصلاة شفاعة في الميت والشهيد غني بشهادته عن الشفاعة، ولأنه حي والحي لا يصلى عليه.
والجواب: المعارضة بما رويناه عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وبما رواه أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم نقول، خبرنا أرجح، لأنه مثبت، والمثبت أولى بالقبول من النافي، وقوله: " الصلاة شفاعة " ليس بشئ، بل هي عبادة ثمرتها حصول الأجر وتحصيل المصلحة المنوطة بفعلها، ثم ينتقض ما ذكره بمن عرف أنه مشهود له بالجنة من أعيان الصحابة، وقوله: " لا يصلى على الحي " قلنا: حق، لكن الشهيد ميت الجسد وإن كان حي النفس، ولأن الصلاة تجب بانقضاء النحب سواء حي بعد ذلك في الآخرة أو لم يحيى، وهذا الحكم يثبت ولو أكل وشرب وتكلم، خلافا لأبي حنيفة لأنه قتيل في سبيل الله فيلحقه حكم الشهيد.
فروع الأول: لو كان الشهيد مجنبا لم يغسل، ذكره الشيخ في النهاية والمبسوط، وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة وأحمد: يغسل، واختاره ابن الجنيد منا والمرتضى في شرح الرسالة، لحديث حنظلة بن الراهب فإن النبي صلى الله عليه وآله ما شأن حنظلة