ورووا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعايشة: " لو مت قبلي لغسلتك " (1) ولولا علقته النكاح لما صح ذلك، ولأنه لا يطلع على ما لا يستباح لغيره من الرجال إلا بعلقة الرحم، أو النكاح، أو الملك، ولأن الميراث تابع للزوجية واستحقاقه بعد الوفاة لقوله تعالى: * (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) * (2) فسماهن أزواجا بعد الترك، والترك لا يتحقق إلا عند الوفاة، وإذا ثبت تسميتها زوجة لزمه كفنها، لأن سقوط أحكام الزوجية إنما يتحقق متأخرة عن الوفاة، والكفن يجب عند الوفاة مقارنا لا متأخرا.
مسئلة: وكفن الميت من أصل تركته، وهو مذهب أهل العلم إلا شذاذا من الجمهور، فإنهم جعلوه من الثلث. لنا أن جماعة من الصحابة لم يكن لهم تركة إلا قدر الكفن فكفنوا به، كحمزة ومصعب بن عمير، ولأنه لا ينتقل إلى الوارث إلا ما فضل عن دينه، ومؤنة الرجل مقدمة على قضاء دينه.
ويؤيد ذلك ما رواه الحسن بن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ثمن الكفن من جميع المال " (3) وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن رجل مات وعليه دين، وخلف قدر ثمن كفنه، قال: يكفن بما ترك إلا أن ينجر إنسان بكفنه ويقضي بما ترك دينه " (4).
مسألة: لا يجوز نبش القبور ولا نقل الموتى بعد دفنهم، أما النبش: فلأنه مثلة بالميت وهتك له، وعلى تحريم نبشه إجماع المسلمين إلا في صور نذكرها: