قلت لأبي جعفر عليه السلام: " ألا تخبرني من أين قلت إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ونزل به الكتاب من الله سبحانه قال: فاغسلوا وجوهكم فعرفنا أن الوجه كله يجب أن يغسل ثم قال: وأيديكم إلى المرافق ثم فصل بين الكلامين، فقال: " وامسحوا برؤوسكم " فعرفنا أن المسح ببعض الرأس لمكان " الباء " ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال: وأرجلكم إلى الكعبين، فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح ببعضهما، ثم فسر ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله للناس فضيعوه " (1) وما روي من صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليهما السلام " أنه غسل وجهه وذراعيه ثم مسح رأسه وقدميه " (2).
واحتج الجمهور برواية عبد الله بن زيد وعثمان، فإنهما حكيا وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله، وقالا: فغسل رجليه (3) " وعن عبد الله بن عمران " أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى قوما يتوضؤن وأعقابهم تلوح، فقال: ويل للأعقاب من البول " (4).
والجواب إن قول النبي صلى الله عليه وآله ويل للأعقاب من البول، لا يدل على وجوب غسلهما في الوضوء، ويدل على وجوب غسلهما من البول، ورواية عبد الله بن زيد وعثمان معارضتان بما رويناه نحن وما رووه عن أنس وعن عبد الله بن عباس، فيكون ما ذكرناه أرجح، لمطابقته ظاهر القرآن، ولأن الغسل قد يكون للتنظيف لا للوضوء فيشتبه على الراوي بخلاف المسح، ولا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل يكفي المسح من رؤس الأصابع إلى الكعبين ولو بإصبع واحدة، وهو إجماع فقهاء أهل البيت عليهم السلام.