وإليه أومأ ابن الجنيد في المختصر، وقال المفيد رحمه الله في المقنعة: ومن كان في أرض قد غطاها الثلج ولا سبيل له إلى التراب فليكسره وليتوضأ به مثل الدهن، وهذا مصير إلى الوضوء لا إلى التيمم.
وفيه مع منافاة الأصل، الاقتصار على الدهن، وفيه أيضا تقديم التراب على استعمال الماء. وقال الشيخ في المبسوط والتهذيب ما يقاربه. والتحقيق عندي أنه إن أمكن الطهارة بالثلج بحيث يكون به غاسلا فإنه يكون مقدما على التراب بل مساويا للماء في التخيير عند الاستعمال وإن قصر عن ذلك لم يكف في حصول الطهارة وكان التراب معتبرا دونه بحيث لو تيمم به مع فقد التراب أو مع وجوده لم يحصل به طهارة، لأن الثلج ليس أرضا فلا يجوز التيمم به.
وإن كان يمكن غسل الأعضاء به فقد أمكنت الطهارة المائية، فلم يجز استعمال التراب معها ولا عبرة بالدهن، لأنه لا يسمى غسلا فلا يحصل به الطهارة الشرعية إلا أن يراد بالدهن ما يجري على العضو وإن كان قليلا من قولهم دهن الغيث الأرض إذا بلها بللا يسيرا، ولا يلزم من تسميته دهنا أن يكون مسحا، لأنه محتمل ولا يصار إلى المحتمل مع عدم الدلالة عليه.
ويؤيد ما ذكرناه ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر قال: سألته عن الرجل الجنب أو على غير وضوء ولا يكون معه ماء ويصيب ثلجا وصعيدا أيهما أفضل تيمم أفضل أو تمسح بالثلج قال: " الثلج إذا بل رأسه وجسده أفضل فإن لم يقدر أن يغتسل به تيمم " (1). وبالجملة فإنا نطالب علم الهدى والشيخ المفيد رحمهم الله بدليل ما ادعياه.