اغتسلت واحتشت ولا تزال تصلي بذلك الغسل حتى يظهر الدم على الكرسف، فإذا ظهر أعادت الغسل أعادت الكرسف " (1) والجواب: الطعن في السند، فإن القاسم ابن محمد واقفي، وأبان بن عثمان ضعيف، ذكر ذلك الكشي.
واعلم: أن الطعن كما يتطرق إلى هذه فالروايتان الأوليان أيضا كذلك، فإن رواية زرارة المفتي فيها مجهول فلعله ممن لا يجب اتباع قوله، ولو قيل: هذا تقدير لا يساعد عليه النظر، وزرارة على صفة العدالة فلا يقول إلا توفيقا.
قلنا: هو لم يفت وإنما أخبر ولا عهدة على المخبر إذا حكى القول وإن لم يعلم صدقه، والأخرى عن عثمان بن عيسى وهو واقفي، وسماعة كذلك، ومع ذلك فالرواية مرسلة لا نعلم القائل فيها، فإذن يتعين التوقف، والذي ظهر لي أنه إن ظهر الدم على الكرسف وجب ثلاثة أغسال، وإن لم يظهر لم يكن عليها غسل وكان عليها الوضوء لكل صلاة، وستأتي الأخبار الدالة على ذلك، منها:
ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى وابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " المستحاضة إذا جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر تؤخر هذه وتعجل هذه، وللمغرب والعشاء غسلا، وتغتسل للفجر وتحتشي وتستثفر ولا تحتشي وتضم فخذيها في المسجد، وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء " (2).
مسألة: وإن سال لزمها ثلاثة أغسال، هذا متفق عليه عند علمائنا، واختلف الجمهور: فالشاذ قال: بالغسل ومنهم من اقتصر على الوضوء، ومنهم من لم يعده ناقضا.