فرع قال بعض المتأخرين: إذا اجتمع عليها الوضوء والغسل توضأت للاستباحة واغتسلت لرفع الحدث، تقدم الوضوء، أو تأخر، لأن على تقدير التقديم يكون حدثها باقيا فلا يصح وضوءها لرفع الحدث، لأن حدثها باق ببقاء الغسل، وعلى تقدير تأخر الوضوء يكون الحدث مرتفعا بالغسل، وهو فرق ضعيف، لأن الوضوء والغسل إن كانا شريكين في رفع حدث الاستحاضة فهما سواء في النية، وإن كان كل واحد منهما يجب بسبب غير الآخر، فلكل واحد أثر في رفع الحدث المختص به.
مسألة: وإذا فعلت ذلك صارت طاهرا، مذهب علمائنا أجمع: إن الاستحاضة حدث، تبطل الطهارة بوجوده، فمع الإتيان بما ذكره من الوضوء إن كان قليلا، أو الاغتسال إن كان كثيرا، يخرج عن حكم الحدث لا محالة، ويجوز لها استباحة كل ما تستبيحه الطاهر من الصلاة، والطواف، ودخول المساجد، وحل وطؤها، ولو لم تفعل ذلك كان حدثها باقيا، ولم يجز أن تستبيح شيئا مما يشترط فيه الطهارة.
ولو صامت، والحال هذه قال في المبسوط: روى أصحابنا أن عليها القضاء، وهل يحرم على زوجها وطؤها؟ أومأ الأصحاب إلى ذلك ولم يصرحوا، ومعنى ما قالوه:
ويجوز لزوجها وطؤها إذا فعلت ما تفعله المستحاضة. قاله ابن الجنيد، وبمعناه قال المفيد في المقنعة، وعلم الهدى في المصباح، والشيخ في النهاية والمبسوط والجمل، ولا ريب أنها إذا فعلت ما يجب عليها، حل للزوج وطؤها، أما لو أخلت فهل تحرم؟ فيه تردد: والمفيد (ره) يقول: ولا يجوز لزوجها وطؤها، إلا بعد فعل ما ذكرناه من نزع الخرق، وغسل الفرج بالماء.
والظاهر أنه لا يشترط في زوال التحريم غير ذلك، والأقرب أن المنع على الكراهية المغلظة، لأنه دم مرض وأذى، فالامتناع فيه عن الزوجة أولى، ويدل على