[...] وبعبارة أخرى: أن أدلة العفو لا اقتضاء لها بالإضافة إلى جهة كون دم نجس العين جزءا مما لا يؤكل لحمه، بل مقتضاها هو العفو من جهة كونه دما نجسا، و أما الموثقة، فهي تقتضي مانعية الدم عن الصلاة من حيث كونه جزءا مما لا يؤكل.
ومن الواضح: عدم المعارضة بين اللا إقتضاء والاقتضاء، ونتيجته الإلتزام بأن دم نجس العين إذا كان أقل من الدرهم يكون معفوا من ناحية عنوان الدمية، نظرا إلى أدلة العفو، ويكون غير معفو عنه من ناحية عنوان الجزئية لما لا يؤكل لحمه، نظرا إلى موثقة ابن بكير المتقدمة.
ثم إنه لو سلم شمول أدلة العفو للدم الأقل من الدرهم مطلقا، حتى من جهة كونه جزءا لما لا يؤكل لحمه، لتقدم الموثقة الدالة على مانعية جزء ما لا يؤكل لحمه - و لو كان دما أقل من الدرهم - على أدلة العفو، لكونها أظهر في الدلالة على المنع من أدلة العفو.
والوجه فيه: هو أن الموثقة مشتملة على كلمة: " كل " فتدل على المانعية بالعموم، وهذا بخلاف أدلة العفو، فإنها تدل عليه بالإطلاق، والعموم حيث كان بالوضع، مقدم على الإطلاق في الدلالة، على ما قرر في الأصول.
إن قلت: إن الموثقة وإن تعم أجزاء ما لا يؤكل لحمه بالعموم لمكان كلمة:
" كل "، لكن شمولها لأفراد الأجزاء، كأفراد الدم من القليل وغيره، أو من نجس العين وغيره، يكون بالإطلاق، فإذا تساوي الموثقة في الدلالة على المانعية، أدلة العفو في الدلالة عليه، بلا ترجيح لأحدهما على الآخر.