[...] فقال لي قائدي: إن في ثوبه دما، فلما انصرف، قلت له: إن قائدي أخبرني أن بثوبك دما، فقال لي: إن بي دماميل ولست أغسل ثوبي حتى تبرء ". (1) هاتان الروايتان صريحتان في أن حد العفو هو البرء وانقطاع الدم وأنه لا يجب الغسل قبل البرء مطلقا، سواء كان فيه مشقة أم لا، وسواء كان الدم سائلا أم لا.
لا يقال: إن مقتضى مفهوم الشرط في صدر موثقة " سماعة " هو أن العفو يدور مدار السيلان، حيث إنه يدل على وجوب الغسل لو لم يكن بالرجل جرح سائل، كما أن مقتضى تحديد عدم وجوب الغسل في ذيلها بانقطاع الدم - أيضا - كذلك.
وعليه: فالبرء فيهما يراد به البرء عن سيلان الدم، لا البرء الحقيقي بمعنى الاندمال، بداهة أنه لو كان هذا هو الحد، لكان ذكر انقطاع الدم مستدركا، وهو خلاف الظاهر.
لأنه يقال: ليس شئ من المفهوم والتحديد المذكورين دليلا على التحديد بعدم السيلان.
أما المفهوم، فلأنه إنما يتم إذا كان السيلان مأخوذا في الشرط، بأن قال (عليه السلام):
إذا سال الجرح فلا يغسله، وهذا بخلاف ما إذا كان قيدا للجرح المأخوذ في الشرط حسب الفرض، فإن مفهومه إذا لم يكن به جرح سائل فيغسله، وهذا - أيضا - ليس مفهوما حقيقة، بل يكون من باب السلب بانتفاء الموضوع.