[...] وقد عرفت: المحذور فيه، مضافا إلى أن اعتبار عدم استطاعة ربط القرحة و حبس دمها في العفو - أيضا - مما لم يقل به أحد من الأصحاب مطلقا، حتى في فرض السيلان والاستمرار.
ثم إن بعض المعاصرين أجاب عن المضمرتين: بأن ظهورهما في الوجوب في نفسه ضعيف، لكون العبارة مسوقة لنفي وجوب الزائد على مرة، لا لإثبات وجوب المرة، كما لا يخفى، وعليه، فتسقطان عن الدلالة على اعتبار السيلان في العفو. (1) وفيه: ما لا يخفى، بداهة أن الاستثناء من النفي يفيد الإثبات، فالجملة المذكورة، كما تدل بعقد المستثنى منه (وهو النفي) على عدم وجوب الزائد على مرة، كذلك تدل على وجوب المرة بعقد المستثنى، فهي مسوقة لنفي وجوب وإثبات وجوب آخر على حد سواء في الظهور والدلالة.
وبالجملة: فمقتضى إطلاق النصوص المتقدمة الواردة في تحديد العفو بالبرء هو أن المعتبر في العفو إنما هو عدم البرء لا السيلان والمشقة - أيضا - وأما الروايات التي استدل بها على اعتبار السيلان والمشقة في العفو، فلا تصلح لتقييد تلك النصوص، إذ لا يمكن الإعتماد عليها لضعفها، إما دلالة أو سندا ودلالة معا، كما عرفت في المضمرتين المتقدمتين.
ولو سلم اعتبار هذه الروايات ودلالتها على كفاية السيلان والمشقة في تحقق