[...] تبعية الأحكام للملاكات، إلا أنه لا يتمكن المكلف من الجمع بينهما في مرحلة الإمتثال، لقلة الماء وعدم كفايته لهما.
الثاني: أن القدرة المعتبرة في الطهارة الحدثية شرعية لا تكوينية، ويدل عليه لفظ: " مرضى " في قوله تعالى: * (وان كنتم مرضى أو على سفر...) * (1).
وعليه: فالمراد من عدم الوجدان في قوله تعالى: * (فلم تجدوا ماءا) * (2) هو عدم التمكن من استعمال الماء شرعا، لاعدم الوجدان تكوينا، وكذا المراد من الوجدان هو التمكن من استعماله شرعا، ولا ريب: في أنه يعد من موارد التمكن الشرعي، عدم وجود ما يزاحم الطهارة الحدثية، وإلا سقط وجوبها وانتقل إلى وجوب بدلها وهو التيمم.
الثالث: أن القدرة المعتبرة في الطهارة الخبثية عقلية لا شرعية، وذلك، لمقتضى إطلاق أدلة وجوبها وعدم تقييدها بالقدرة الشرعية، وعليه: فالأدلة تدل على رفع الخبث ولزوم تحصيل الطهارة الخبثية مطلقا، سواء كان هناك واجب آخر مزاحم، أم لا.
إذا عرفت هذه الأمور، ظهر لك حكم دوران الأمر بين الطهارتين (الحدثية و الخبثية) من أنه يتعين تقديم الثانية لارتفاع موضوع الأولى - وهو وجدان الماء شرعا - بتحصيل الثانية، وهذا هو الضابط في جميع موارد دوران الأمر بين ما تعتبر فيه القدرة عقلا، وبين ما تعتبر فيه القدرة شرعا. م