وكيف كان فهل يجب في الصورة المفروضة إعادة الصلاة وقضاء السجدتين والاتيان بسجدة السهو، أو عليه إعادتها فقط، أو قضائهما والسجود للسهو فقط وجوه، فمع قطع النظر عن القواعد والأصول يكون مقتضى العلم الاجمالي الأول، وأما مع النظر إليها فلا بد أولا من النظر إلى القواعد والأصول الحاكمة كقاعدة التجاوز والفراغ ثم إلى المحكومة فالمحكومة.
فلو قلنا بأن هنا قاعدتين، قاعدة الفراغ وهي أصالة الصحة المؤسسة للحكم بالصحة عند الشك فيها بعد الفراغ من العمل، وقاعدة التجاوز المؤسسة للحكم بالصحة عند احتمال ترك ما يعتبر وجوده أو فعل ما يعتبر عدمه بعد التجاوز عن محله، وقلنا أيضا بحكومة قاعدة التجاوز على قاعدة الفراغ لأن الشك في الصحة والفساد ناشئ عن الشك في ترك ما يعتبر وجوده أو فعل ما يعتبر عدمه، وقع التعارض بين قاعدة التجاوز في أطراف العلم وبقيت قاعدة الفراغ بلا معارض، ومقتضاها صحة العمل.
فحينئذ لو قلنا بأنها أمارة على الواقع فتكشف عن عدم ترك السجدتين من ركعة واحدة وعن تركهما من ركعتين فيجب عليه قضائهما وسجدة السهو وينحل بذلك العلم الاجمالي.
وأن قلنا بأنها أصل لا يترتب عليها إلا صحة العمل، فلا بد من الاتيان بقضائهما والسجود لئلا تلزم المخالفة القطعية، إلا أن يقال إن القاعدة معارضة مع استصحاب عدم وجوب قضاء السجدة وعدم وجوب سجدة السهو، فإنه جار بعد سقوط قاعدة التجاوز الحاكمة أو المتقدمة عليه، وهو في عرض قاعدة الفراغ لعدم حكومتها عليه، ومع سقوطهما بالتعارض تصل النوبة إلى الأصل المحكوم، كأصالة بقاء وجوب الصلاة، وقاعدة البراءة عن وجوب القضاء وسجود السهو ويأتي تتمة لذلك.
لكن التحقيق أن قاعدة الفراغ ليست قاعدة مجعولة برأسها، بل قد ذكرنا في محله امتناع ذلك فراجع مظانه، كما أن التحقيق عدم حكومة قاعدة التجاوز عليها على فرض تأسيسها، وذلك لعدم مناط الحكومة هنا على ما ذكرنا في محله من لزوم