بل ظاهرها الرخصة، بل لها نحو اجمال آخر من ناحية تذيلها بقوله: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا، (1) الذي يظهر منه أن التقصير لأجل الخوف من العدو كما ذهب إليه جمع، وتمسك بعضهم كالشافعي بظاهر لا جناح وأفتى به، ولذلك وذاك قال أبو جعفر عليه السلام: لو قرئت عليه آية التقصير وفسرت له.
ثم إنه بعدما كانت الرواية كناية عن العالم وغيره، فمن المحتمل أن يكون حكم البطلان دائرا مدار العلم الفعلي مع الالتفات بالأطراف، أي من كان عالما عامدا بطلت صلاته وغيره يكون داخلا في المفهوم وعلى ذلك لو نسي الحكم أو الموضوع وصلى تماما لم تبطل بمقتضى المفهوم، وأن يكون المدار على العلم الفعلي بالحكم فيدخل في المفهوم السهو عن الموضوع دون السهو عن الحكم، وأن يكون المدار على حدوث العلم فمجرد العلم بالحكم موضوع للبطلان ولو نسيه فمع النسيان حكما أو موضوعا بطلت، وأن تكون الرواية بصدد بيان حكم العالم وغيره وخرج النسيان موضوعا أو حكما أيضا عن مصبها، وعلى ذلك لم يكن للشرطية مفهوم.
ثم إنه بإزاء هذه الصحيحة صحيحة العيص بن القاسم، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى وهو مسافر فأتم الصلاة قال: إن كان في وقت فليعد وإن كان الوقت قد مضى فلا، (2) ويحتمل فيها أن يكون المورد هو نسيان الموضوع أو ذلك مع نسيان الحكم أيضا، ويحتمل فيها الاطلاق للعمد والعلم والجهل والنسيان.
فعلى بعض الاحتمالات فيهما لا تعارض بينهما وهو الاحتمال الأخير في الصحيحة الأولى والاحتمال الأول في الثانية، فإن كلا منهما متعرض لموضوع غير موضوع الآخر، وعلى بعض الاحتمالات تكون النسبة بينهما هي الاطلاق والتقييد، وعلى بعض تكون النسبة العموم من وجه فيتعارضان في الجاهل بالحكم في الوقت، فإن مقتضى الأولى