فنسبة الصبي المميز إلى غير المميز كنسبة غير المميز إلى البهيمة فيما يتعلق به من فوات ثرط التكليف.
وإذا كان الصبي المميز مقاربا لحالة البلوغ بحيث لم يبق بينه وبين البلوغ سوى لحظة واحدة، فإنه وإن كان فهمه كفهم البالغ الموجب لتكليفه بعد لحظة، ولكون العقل والفهم فيه خفيا ولكون الفهم يظهر شيئا فشيئا فيه على التدريج، ولم يكن له ضابط يعرف به، جعل له الشرع علامة وضابطا يعرف به وهو البلوغ، وحط عنه التكليف قبله تخفيفا عليه فقال ص الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى:
(رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق) وفي بعض الروايات (وعن المجنون حتى يعقل) وفي بعضها (وعن المعتوه حتى يعقل) (29).
والذي يجمع هذا كله العقل الذي يمكنه به فهم خطاب الشارع واستيعاب أمره ونهيه.
ألا ترى إلى من توفرت فيه شروط التكليف الأربعة التي ذكرناها وهي كونه:
عاقلا بالغا سليم الحواس وقد بلغته الدعوة إلا أنه لم يفهم ما سيقوم به فإنه غير مكلف به إلا بعد البيان والايضاح.
ومنه نفهم أن الفهم هو أساس التكليف وقد قيده الشرع بالفهم المطلق