وقد سألت السيدة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ماذا أقول إذا أتيت البقيع؟ قال: " قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون " رواه مسلم (2 / 671) ومنة يؤخذ جواز زيارة المرأة للقبور أيضا إذا أمنت الفتنة.
أما حديث الصحيحين (420) " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " فهو حديث شاذ مردود كما قال سيدي عبد الله بن الصديق في كتابه " الفوائد المقصودة في بيان الأحاديث الشاذة المردودة " ص (105) لأن في الحديث إشكال كبير وهو: كيف يلعن النصارى بسبب اتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد مع أنه ليس لهم إلا نبي واحد وهو سيدنا عيسى عليه السلام ولم يدفن وإنما عرج به إلى السماء؟!
ثم كيف يحترم اليهود الأنبياء يجعلون على قبورهم مساجد وقد اشتهر عنهم معاداة النبيين والمرسلين حتى قال الله تعالى عنهم (ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون) البقرة: 87.
ثم لو سلمنا بصحة الحديث فليس مرادا به البناء على القبر البتة، وإنما المراد به اتخاذ القبر مسجدا ومعنى ذلك الصلاة على القبر أو إليه، كما قاله ابن حجر المكي في الزواجر (1 / 148).
ثم نقول أيضا على فرض صحة الحديث: إن هذا الذم واقع على اليهود والنصارى لا على هذه الأمة الإجماع، لأن الصحابة دفنوا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بناء وهو بيت السيدة عائشة وهذا بإجماع الأمة زمن الصحابة حتى هذا اليوم.
فإن قال قائل: هذا خاص بالأنبياء فقط.
قلنا: ليس كذلك! بل إن هذا القول ظاهر البطلان لإجماع الأمة على