في (الطبقات) (5 / 190) ما نصه:
(قلت: لقد تكلف لهذه الحكاية وأسندها بإجازة على إجازة، مع ما في إسنادها ممن لا يخفى محاطه على الأشعري، وعدم معرفته بعلم الكلام.
ثم أقول: يا لله ويا للمسلمين!! أيقال عن الإمام إنه يتخبط عند سؤال سأله إياه هذا المحدث (19)، وهو أستاذ المناظرين وعلم المتكلمين؟! أو كان الإمام عاجزا عن أن يقول له كذبت يا ملعون، فإن العارف لا يحدث نفسه بفوقية الجسمية، ولا يحدد ذلك إلا جاهل يعتقد الجهة!!
بل نقول: لا يقول عارف: يا رباه، إلا وقد غابت عنه الجهات، ولو كانت جهة فوق مطلوبة لما منع المصلي من النظر إليها، وشدد عليه في الوعيد عليها.
وأما قوله (صاح بالحيرة) وكان يقول: (حيرني الهمذاني) فكذب ممن لا يستحي، وليت شعري! أي شبهة أوردها، وأي دليل اعترضه حتى يقول:
حيرني الهمذاني.
ثم أقول: إن كان الإمام متحيرا لا يدري ما يعتقد، فواها على أئمة المسلمين من سنة ثمان وسبعين وأربعمائة إلى اليوم فإن الأرض لم تخرج من لدن عهده أعرف منه بالله، ولا أعرف منه: فيا لله ماذا يكون حال الذهبي وأمثاله إذا كان مثل الإمام متحيرا؟! إن هذا لخزي عظيم. ثم ليت شعري! من أبو جعفر الهمذاني في أئمة النظر والكلام؟ ومن هومن ذوي التحقيق من علماء المسلمين!
ثم أعاد الذهبي الحكاية عن محمد بن طاهر، عن أبي جعفر!! وكلاهما لا يقبل نقله، وزاد فيها أن الإمام صار يقول (يا حبيبي ما ثم إلا الحيرة) فإنا لله وإنا إليه راجعون، لقد ابتلي المسلمون من هؤلاء الجهلة بمصيبة لا عزاء بها.