إياكم أن تظنوا بأنني قربت من الله تعالى بالمسافة أكثر من النبي يونس الذي كان في جوف الحوت في قعر البحر، وإلا فما مناسبة ذكر سيدنا يونس هنا؟!! مع اعتقادنا جميعا بأن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من سيدنا يونس بلا خلاف والله تعالى يقول (تلك الرسل فضلنا بعضهم محل بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات)!! وقال تعالى (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض)!!
قال المحدث الزبيدي " في اتحاف السادة المتقين " (2 / 105):
[ذكر الإمام قاضي القضاة ناصر الدين بن المنير الإسكندري المالكي في كتابه " المنتقى في شرف المصطفى " لم تكلم على الجهة وقرر نفيها، قال: ولهذا أشار الإمام مالك رحمه الله تعالى في قوله صلى الله عليه وسلم " لا تفضلوني على يونس بن متى " فقال مالك: إنما خمص يونس بالتنبيه على التنزيه لأنه صلى الله عليه وسلم رفع إلى العرش ويونس عليه السلام هبط إلى قاموس البحر ونسبتهما مع ذلك من حيث الجهة إلى الحق جل جلاله نسبة واحدة، ولو كان الفضل بالمكان لكان عليه السلام أقرب من يونس بن متى وأفضل ولما نهى عن ذلك " ا ه. أي لما نهى عن ذلك التفضيل.
وبقي أمر أخير لا بد من إيضاحه في قصة الإسراء وهو أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم كان إذا وصل إلى سيدنا موسى في السماء السادسة كان يقول له سيدنا موسى إرجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فما هو معنى ذلك؟!
وأقول: معناه إن صح (354): أي ارجع إلى المكان الذي خاطبت فيه رب العزة وكلمك عنده واسأله أن يخفف عن أمتك، فالله تعالى شاء أن يقع الكلام بينه ولين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في بقعة ومنطقة معينة فوق السماء السادسة، كما كان سيدنا موسى يكلم الله تعالى ويكلمه الله في منطقة معينة بجانب الطور ولم يكن رب العالمين ثم هناك في تلك المنطقة!! إذ لا يجوز عليه المكان فتنته!!