السماء!! ولا بد أن نزيف استدلالهم ونبطل كلامهم في ذلك فنقول:
هذا الحديث ليس فيه أي استدلال لما يريدون من كون معبودهم في السماء أو فوق السماء!! ومن تأمل أوائل سورة الإسراء عرف ذلك وفهمه جيدا فقد افتتح سبحانه هذه السورة الكريمة بقوله (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير).
استفتح سبحانه هذه الآية الكريمة بالتسبيح فقال (سبحان الذي أسرى بعبده) والتسبيح هو التنزيه فكأنه يشير إلى ما قد يخطر في الأذهان من أن النبي صلى الله عليه وسلم كل ذهب لمكان فيه رب العالمين فقطع هذا الخيال ونزه نفسه عنه فقال (سبحان الذي أسرى) أي: تنزه عن المكان.
ثم بين سبحانه أنه أسرى بعبده ليس ليراه ويقرب منه بالمكان، وإنما قال سبحانه (لنريه من آياتنا) وقال تعالى (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) وآياته تعالى أي مخلوقاته وعجائب مصنوعاته، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أسري وعرج به ليريه الله سبحانه ملكوت السماوات والأرض والجنة والنار وما إلى ذلك مما ذكر في الإسراء، وليس ليذهب إلى مكان فيه رب العزة سبحانه المنزه عن الزمان والمكان!!
فإن قيل: وكيف كلمه ورآه وفرض عليه الصلوات الخمس ألا يدل ذلك على أنه ذهب إليه، أي إلى مكان هو فيه؟!!
قلنا: ليس كذلك!! فإنه سبحانه كما كلم سيدنا محمدا صلى الله وسلم فوق السماء عند سدرة المنتهى فقد كلم سيدنا موسى عليه السلام في الواد المقدس طوى بجانب الطور وذلك في أرض فلسطين، ولا يغني ذلك أن الله سبحانه كان هناك، فكما أنه سبحانه منزه عن المكان لما خاطب سيدنا موسى بجانب الطور فهو أيضا منزه عن المكان لما خاطب سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم في السماء أو فوتها.