ويكفي أن الإمام البيهقي لم يذكر الصراط في كتاب " الاعتقاد والهداية " ولم يبين أنه هو جسر جهنم مع أنه ذكر العرض والحساب والميزان!! وكذلك ابن حزم لم ينقل في كتاب مراتب الإجماع أن أهل الحق اتفقوا على الجسر بل قال هناك ص (175): " واتفقوا أن البعث حق، وأن الناس كلهم يبعثون في وقت تنقطع فيه سكناهم في الدنيا يحاسبون عما عملوا من خير وشر، وأن الله تعالى يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء. واختلفوا في تفسير هذه الجملة بعد اتفاقهم على هذا اللفظ " ا ه.
ومما يدل على اضطراب العلماء في هذه القضية وعدم بتهم فيها بمثل هذا الوضوح الذي بيناه هنا آنفا، أنهم اختلفوا هل يمر جميع الناس على الصراط أم لا وهل هناك جسر واحد للناس كافة أم أن هناك جسران اثنان جسر للمؤمنين وجسر للكافرين؟! وإليكم نموذجا ومثالا من اختلافهم في ذلك منقولا من كلام الإمام الحافظ السيوطي نختم به هذا البحث ليخرج الإنسان بنتيجة واضحة بعد التأمل فيما كتبناه ليتيقن صحته أو لا وما وقع من الخطأ في هذه في المسألة ثانيا، فلو كانت عقيدة مجمعا عليها لما وقع فيها هذا التخالف!!
فنقول قال الإمام السيوطي كما في " الحاوي للفتاوي " (2 / 196) في جواب سؤال ما نصه:
[أحوال البعث: مسألة: هل يمر إبليس وكفار الإنس والجن على الصراط؟
الجواب: صرح ابن برجان في الإرشاد بأن الكفار لا يمرون على الصراط، وفي الأحاديث ما يشهد له وفي أحاديث أخر ما يقتضي خلاف ذلك وأنهم يمرون فحمل ذلك على المنافقين لكون بعض الروايات فيها ما يدل على ذلك، ثم رأيت القرطبي صرح بأن في الآخرة صراطين، صراط لعموم الخلق إلا من يدخل الجنة