الجنة بما كنتم تعملون) النحل: 32.
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " (3 / 234) عند الكلام على سماع الأموات (في شرح حديث جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ") نقلا عن السهيلي ما نصه:
" وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين جاز أن يكونوا سامعين إما بآذان رؤوسهم كما هو قول الجمهور، أو بأذان الروح على رأي من يوجه السؤال إلى الروح من غير رجوع للجسد ". فتأمل جيدا.
والذي يظهر لنا في باب الجمع بين الأدلة الواردة في هذا الموضوع أن الله تعالى أحدث اتصالا بين روح الإنسان في عالم البرزخ وبين البقعة التي دفن فيها الجسد (وهو القبر) فمن ذهب إلى قبر إنسان وسلم عليه، أو دعا له أو غير ذلك فإن ذلك الميت (أي الإنسان في البرزخ) يسمعه ويشعر به، كما جاء في الحديث الصحيح " ما من أحد يمر على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا يسلم عليه إلا عرفه ورد السلام عليه " وهو حديث صحيح رواه الخطيب في تاريخه (6 / 137) وغيره.
وقد أحدث التصور المخطئ عن الموت في هذا العصر عند كثير من الناس اضطرابا وخوفا شديدا من الموت وما بعده حتى أورث أمراضا نفسية عند بعضهم وهي ما يسمى اليوم بمرض الكآبة، وهو قبض روحي لشعور صاحب التصور المخطئ أنه لا بد له أن يمر في يوم من الأيام بمرحلة العذاب والخوف المتعلق بالموت ونحو هذه الأمور، ونحن نطمئنه ونبشره ونقول له لن يمر بك ذلك وخاصة إن كنت مسلما تقيا، لأن الله تعالى يقول في القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه عن المؤمنين (فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) البقرة: 38، وقال تعالى (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) البقرة: 112، وقال تعالى (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم