صحيح شرح العقيدة الطحاوية - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٤٩٦
ولوا مدبرين) (259) النمل: 88، وأنت تعلم أن الأموات لا يولون مدبرين بعد العظة والتذكير وإنما المراد بذلك الكفار، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في البخاري (11 / 208): " مثل الذي يذكر الله تعالى والذي لا يذكره مثل الحي والميت ".
إذا فهمت ذلك فتدبر الآن في أدلة سماع الأموات:
1 - روى الإمام البخاري (7 / 301) ومسلم (2 / 643) في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: " وقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قليب بدر فقال: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ ثم قال: إنهم الآن يسمعون ما أقول... ".
وفي رواية في الصحيح (البخاري 7 / 301): أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها،

(259) الضمير في قوله سبحانه (إذا ولوا مدبرين) عائد على الموتى وعلى الصم، لأن المراد بكل منهما الكفار " وهذا ظاهر بداهة، فالموتى والصم هم الكفار لا الأجساد، ونص على ذلك أئمة محققي المفسرين قال الطبري في تفسيره (مجلد 11 جزء 20 صحيفة 12):
[وقوله (إنك لا تسمع الموتى) يقول: إنك يا محمد لا تقدر أن تفهم الحق من طبع الله على قلبه فأماته لأن الله قد ختم عليه أن لا يفهمه (ولا يسمع الصم الدعاء) يقول: ولا تقدر أن تسمع ذلك من أصم الله عن سماعه سمعه (إذا ولوا مدبرين) يقول: إذا هم أدبروا معرضين عنه لا يسمعون له، لغلبة دين الكفر على قلوبهم ولا يصغون للحق ولا يتدبرون ولا ينصتون لقائله، ولكنهم يعرضون عنه وينكرون القول به والاستماع له] انتهى من الطبري.
وهذا يثبت بلا شك أن الضمير في قوله (ولوا) يعود على الأموات وعلى الصم.
وكذا قال الإمام الحافظ أبو حيان في تفسيره النهر الماد (2 / 634) فليراجع.
(٤٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 ... » »»
الفهرست