سعى) ولام الخفض معناها في العربية الملك والإيجاب فلم يجب للانسان إلا ما سعى، فإذا تصدق عليه غيره فليس يجب له شئ، إلا أن الله عز وجل يتفضل عليه بما لا يجب له، كما يتفضل على الأطفال بإدخالهم الجنة بغير عمل ا ه.
وفي فتاوى الحافظ ابن الصلاح ما نصه:
" مسألة في قوله تعالى (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) وقد ثبت أن أعمال الأبدان لا تنتقل. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " وقد اختلف في القرآن: هل يصل إلى الميت أو لا؟ وكيف يكون الدعاء يصل إليه والقرآن أفضل؟! أجاب رضي الله عنه: هذا قد اختلف فيه، وأهل الخير وجدوا البركة في مواصلة الأموات بالقرآن، وليس الاختلاف في هذه المسألة، كالاختلاف في الأصول، بل هي من مسائل الفروع، وليس نص الآية المذكورة دالا على بطلان قول من قال: إنه يصل، فإن المراد به - أي نص الآية - أنه لا حق له ولا جزاء إلا فيما يسعى، ولا يدخل في ذلك ما يتبرع به الغير من قراءة ودعاء وأنه لا حق في ذلك ولا مجازاة، وإنما أعطاه الغير تبرعا، وكذلك الحديث، لا يدل على بطلان قوله، فإنه في عمله، وهذا من عمل غيره ا ه.
وقال الشيخ تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية: من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله، فقد خرق الإجماع، وذلك باطل من وجوه:
أحدها: أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره، وهو انتفاع بعمل الغير.
ثانيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الموقف في الحساب، ثم لأهل الجنة في دخولها، ثم لأهل الكبائر في الخروج من النار.
ثالثها: أن الملائكة يستغفرون ويدعون لمن في الأرض.
رابعها: أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط، بمحض فضله ورحمته، وهذا انتفاع بغير عملهم.