إله إلا الله؟) قالت: نعم. وقد استوعب تلك الألفاظ بأسانيدها الحافظ البيهقي في السنن الكبرى بحيث يجزم الواقف عليها أن اللفظ المذكور هنا مروي بالمعنى حسب فهم الراوي...).
خامسا: شذوذ لفظ (أين الله؟)، وذلك لأن لفظة (أين) تدل في الحقيقة على الوجود المكاني، والله تعالى موجود بلا مكان، لأنه خالق المكان كما تقدم، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني - وهو من أئمة الحديث - في (شرح البخاري) (1 / 221): (إن إدراك العقول لأسرار الربوبية قاصر، فلا يتوجه على حكمه لم ولا كيف، كما لا يتوجه عليه في وجوده أين وحيث).
فتأمل جيدا!!
هذا وقد روى عطاء بن يسار وهو راوي هذا الحديث عن معاوية بن الحكم السلمي نفس الحديث في موضع آخر بلفظ: (أتشهدين أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) بإسناد أصح من إسناد لفظ (أين الله) وذلك في مصنف عبد الرزاق (9 / 175) وهو أيضا في الموطأ ص (777) بسند صحيح آخر عن غير عطاء.
وبهذا ثبت ثبوتا لا شك فيه عندنا حسب قواعد المصطلح وتصريحات أهل الحديث في القديم والحديث اضطراب متن حديث الجارية بحيث لا يمكن التعويل على لفظ من ألفاظه، وأصح أسانيده كما رأيت بلفظ (أتشهدين أن لا إله إلا الله...)، فإن كان هناك مجال للترجيح بين هذه الروايات فالرواية الراجحة بلا شك ولا ريب هي رواية (أتشهدين...) لأنها الأصح إسنادا، ولأن المعهود من حال النبي ص الثابت عنه بالتواتر أنه كان يأمر الناس ويقاتلهم ويختبر إيمانهم بالشهادتين فتكون رواية (أين الله) شاذة أو منكرة!!
هذا وقد بسطنا الكلام على هذا الحديث وأسانيده وما يتعلق به وتوسعنا بذلك في رسالة خاصة أسميناها (تنقيح الفهوم العالية بما ثبت وما لم يثبت في حديث الجارية) فليراجعها من شاء الاستزادة.