أبي سعيد الخدري وسيدنا أبي هريرة رضي الله عنهما أنهما قالا قال رسول الله ص:
(إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ثم يأمر مناديا ينادي يقول: هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ هل من سائل يعطى؟) وأما الرواية الثانية: فعن سيدنا عثمان بن أبي العاص الثقفي قال رسول الله ص:
(تفتح أبواب السماء نصف الليل، فينادي مناد: هل من داع فيستجاب له، هل من سائل فيعطى، هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له إلا زانية تسعى بفرجها أو عشارا) رواه أحمد (4 / 22 و 217) والبزار (4 / 44 كشف الأستار) والطبراني (9 / 51) وغيرهم بأسانيد صحيحة، والعشار: صاحب المكس.
فهذه الأحاديث الواضحة تقرر بلا شك ولا ريب بأن النازل إلى السماء الدنيا هو ملك من الملائكة يأمره الله تعالى أن ينادي بذلك، على أن الحافظ ابن حجر حكى (في الفتح 3 / 30) في شرح الحديث الأول الذي في الصحيحين أن بعض المشايخ ضبط الحديث بضم الياء في (ينزل) فيكون اللفظ هكذا: (ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا) أي: ينزل ملكا كما تقدم.
فإن قال بعض المجسمة بل ينزل الله بذاته بلا كيف إلى السماء الدنيا وقد قال بذلك السلف.
قلنا الجواب من أوجه:
الأول: أن فهم السلف ليس من حجج الشرع كما تقدم.
ثانيا: لم يتفق السلف ولم يجمعوا على ما ادعى المجسم، لا سيما وأن المشبهة والمجسمة كلما نقل لهم إجماع في مسألة قالوا (قال أحمد من ادعى الإجماع فهو كاذب).