الاستحباب كاشفا عن أن التسبيب إلى تحصيل المتابعة بنحو الاستحباب أيضا، إذ لا معنى للتسبيب بنحو غير لزومي، للتوصل إلى التسبيب اللزومي، وأما إذا كان الائتمام محققا لا تصاف المتابعة بالمصلحة فلا تنافي بين كون مصلحة المقدمة غير لزومية، وكون مصلحة ما يتوصل بها إليه لزومية. كالعقد بالإضافة إلى الوفاء بالعقد، فإنه ليس العمل موصوفا بعنوان ذي مصلحة إلا عند تحقق العقد، فليس العقد مقدمة لايجاد أمر ذي مصلحة، والمتابعة كذلك لا مصلحة لها إلا في فرض الاقتداء، فلا منافاة بين كون مصلحة الاقتداء غير لزومية ومصلحة المتابعة بعد تحقق الاقتداء لزومية، فالاقتضاء المفهوم من قوله (1) (عليه السلام): " إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به " من قبيل اقتضاء الموضوع للحكم لا من قبيل اقتضاء الغاية لذي الغاية، فتدبر جيدا. هذا بعض الكلام في ما عدى التكبيرة من الأقوال.
وأما التكبيرة فعدم التقدم فيها على الإمام لا باقتضاء وجوب المتابعة بل باقتضاء نفس الائتمام والاقتداء توضيحه: أن حقيقة الاقتداء متقومة يربط صلاته بصلاة الإمام، وحيث إن الإمامة والمأمومية متضائفان وهما متكافئان في القوة والفعلية، فلا يعقل انعقاد صلاة المأموم جماعة قبل انعقاد صلاة الإمام سواء وجبت المتابعة العملية في صلاة الجماعة أم لا. نعم ينطبق على انعقاد الصلاتين معا المتابعة العملية المقارنة لانعقاد الجماعة، لا أن هذا العنوان مقوم لمعية انعقاد صلاة الإمام والمأموم، ومما ذكرنا تبين أنه كما لا تصح التكبيرة بعنوان الجماعة قبل تكبيرة الإمام كذلك لا يصح الفراغ قبل فراغ الإمام عن التكبيرة إذ لا تنعقد الصلاة بمجرد الشروع في التكبيرة بل بتمامها الذي هو فعل واحد من أفعال الصلاة فيكون انعقاد صلاة المأموم قبل انعقاد صلاة الإمام منافيا لتضائف الإمامة والمأمومية في الصلاة. ومنه يتقدح الاشكال في عدم جواز الشروع قبل شروع الإمام فإن جزء التكبيرة لا حكم له وإنما الاعتبار بانعقاد الصلاة بانعقاد التكبيرة وهو بالفراغ