وأما الصورة الثالثة: فهي ما إذا لم يكن زمان الركوع من المأموم وزمان رفع الرأس من الإمام معلومين، والمعروف فيهما تعارض الأصلين أعني أصالة عدم الركوع إلى زمان رفع الرأس وأصالة عدم رفع الرأس إلى زمان الركوع ومع تساقطهما يحكم بأصالة عدم إدراك الركعة إلا أن الشك في هاتين الصورتين حادث بعد العمل فالمرجع أصالة صحة الركوع، غاية الأمر أنه مع العلم بالغفلة من أول الأمر يبني على كون أصالة الصحة أصلا تعبديا، ومع احتمال عروض الغفلة يبني على أماريتها.
ثامنها: في ما يعتبر في جواز الدخول في الركوع ولا يخفى أن جواز الاقتداء غير منوط بإدراك ركوع الإمام لما مر مرارا أن إدراك الركوع ملاك إدراك الركعة لا مناط انعقاد الجماعة وصحة الاقتداء، وحينئذ يصح الائتمام ولو مع الجزم بعدم إدراك الركوع، وأما الركوع بركوع الإمام فهو محل الكلام من حيث دوران الجواز مدار الجزم أو الاطمينان أو يصح مع الاحتمال، إما استنادا إلى الاستصحاب كما عن غير واحد، أو بعنوان الرجاء كما عن بعضهم. أما الاستصحاب فمنشأ الاشكال فيه إن القصد إلى الركوع المقارن لركوع الإمام لا يتأتى منه إلا مع الجزم بتحقق الركوع من الإمام، لأن المقارنة التي هو صفة ركوع المأموم غير مقدورة للمأموم لتقوم مثلها بفعل الإمام فمع تحققه منه يكون إيجاد الركوع مقدورا، ومع عدمه يكون الركوع المقارن غير مقدور للمأموم، ويستحيل توجه القصد إلى غير المقدور والاستصحاب لا يحقق الركوع فلا تتحقق المقدورية المنوطة بتحققه من الإمام لتقوم المقصود به.
ولذا أجاب عنه الشيخ الأعظم (قدس سره) في بعض تحريراته (1) بأن مقدورية الركوع المقارن منوطة بإحراز الركوع من الإمام لا بتحققه واقعا وكما يكفي الاحراز الوجداني يكفي الاحراز التعبدي، فتارة بقصد الركوع المقارن حقيقة لركوع الإمام، وأخرى يقصد الركوع المقارن لركوع الإمام شرعا.
ويمكن المناقشة فيه على مسلكه (قدس سره): حيث بنى على عدم كفاية استصحاب بقاء الإمام على ركوعه بل لا بد من إحراز الحالية أو القبلية على رفع