الخبر الثاني، ولا موجب للمشي إلى الإمام حتى يخاف معه فوت الركعة حتى تكون فضيلة إدراك الركعة مسوغة للتكبير في مكانه لأنه سائغ بنفسه، ومنه تعرف أنه لو فرض لنصوص الباب إطلاق لا يعامل مع نصوص الطرفين معاملة العامين من وجه بل لا بد من تقديم إطلاق هذا الباب، وإلا لكان موجبا لالغاء العام في ما نحن فيه رأسا فإن البعد الغير المانع يسوغ معه التكبير وهو في محله، ولا مجال معه لخوف فوات الركعة، فلو قلنا بمانعية البعد بما لا يتخطى مع خوف فوات الركعة، كان مرجعه إلى أن خوف فوات الركعة الذي هو عنوان عموم الباب لغو بلا أثر نظير ما ذكرنا في محله من عدم صحة معاملة العموم من وجه بين عموم ما دل على " نجاسة البول والخرء مما لا يؤكل " (1) وعموم ما دل (2) على " أن كل ما يطير فلا بأس ببوله وخرئه " فإن طهارة فضلة ما يؤكل لحمه من الطيور ليست من حيث كونه طيرا بل من حيث كونه مما يؤكل لحمه فلو أخرجنا مما لا يؤكل لحمه من الطيور من تحت هذا العموم كان مرجعه إلى الغاء عنوان هذا العام ولغوية أخذ عنوان الطير رأسا، هذا بناء على ما استظهرناه من النصوص من كونها واردة مورد البعد عن الإمام. وأما إذا قيل:
بأنها واردة مورد الانفراد عن الصف، وإن كراهته بمقتضى هذه الأخبار مقصورة على صورة الاختيار فعدم إطلاقها لصورة البعد المانع سؤالا وجوابا واضح، إذ لا يوصف الانفراد عن الصف بالكراهة إلا بعد انعقاد الجماعة فلا بد من استجماعها لجميع الشرائط.
ومنها: عدم البعد بما لا يتخطى، فلا معنى للسؤال عن كراهة الانفراد الأعم مما إذا كان مع البعد المانع وعدمه فضلا عن التعرض لحكم الانفراد ابتداء من الإمام بنحو العموم. ومما ذكرنا تعرف حال الاطلاق من غير جهة البعد بناء على ما استظهرناه من النصوص فإن الحكم الابتدائي والجواب عن السؤال كلاهما مسوق لعدم مانعية البعد فلا إطلاق لها من حيث الحائل، أو علو الإمام، أو غير ذلك وليس شئ منها لا زما عاديا ولو غالبيا للبعد المانع حتى يكون الترخيص فيه