إيجاد تسبيبي منه، والغرض من التقسيم المزبور ليس نفي الانتساب إلى أمره تعالى ولو بهذه العناية، بل الغرض أن التشريع قد يتمحض في ناحية الأمر، فلا ينطبق على العمل عنوان مبغوض، وقد ينطبق على العمل عنوان مبغوض.
الثالثة إذا شك في نية الائتمام فالمعروف أنه يبنى على العدم، وقيل: بعدم الالتفات لقاعدة التجاوز عن المحل إذا كان عليه آثار الاقتداء، وقيل: بل مطلقا. وما يمكن أن يقال في مقام الاشكال على اجراء قاعدة التجاوز، إن مبناها على أن قاصد الصلاة مثلا تنبعث من إرادته الكلية المتعلقة بالصلاة ذات الأجزاء والشرائط، أرادت جزئية في محالها ينبعث منها الأجزاء والشرائط كل في محله، وترك جزء أو شرط في محله بعدم إرادته لا يكون إلا لعروض غفلة في الأثناء عن ذلك القصد الكلي، وهو على خلاف الطبع والعادة وألغاه الشرع، وهذا وجه أمارية القاعدة، ولأجله اقتصروا على صورة عروض الغفلة في الأثناء دون الغفلة من أول العمل، وعليه فقصد الجماعة من أول الصلاة هنا غير محرز حتى يكون مجال للقاعدة، لما مر من أن نية الاقتداء مقومة للجماعة، فالشك في نية الاقتداء شك في قصد الجماعة. ويندفع بما حققناه في البحث عن القاعدة من أن مبنى الأمارية على أوسع من ذلك، وإن من كان بصدد اتيان الصلاة فالعادة المستمرة جارية على اتيان كل جزء وشرط في محله بالإرادات الارتكازية المنبعثة عن العادة المستمرة، وإن لم يكن قصد تفصيلي في أول العمل، لينافي احتمال عروض الغفلة في أول العمل، ففي ما نحن فيه إذا قام بصدد صلاة الجماعة، وشك في أنه حال الاشتغال بالصلاة نوى الائتمام، يحكم عليه بالنية لتجاوز محلها، فلا بد من إحراز هذا المعنى لا إحراز قصد الجماعة من أول العمل، فإحراز هذا المعنى كإحراز كونه بصدد أصل الصلاة، سواء كان مع الاحراز المزبور عليه آثار الاقتداء من الانصات ونحوه أم لم يكن، كما أنه إذا لم يحرز هذا المعنى، فمجرد كونه على وضع المصلين جماعة لا يجدي شيئا إذا لم يوجب الاطمينان بدخوله