لم يكن أثق به أصلي خلفه واقرء فقال: لأصل قبله أو بعده " فإنه مع التصريح بالقراءة خلفه منعه عن الصلاة وأمره بالصلاة قبل الجماعة أو بعدها فتدل على عدم انعقادها أصلا. إلا أنه معارض بما هو أصح منه سندا وأوضح منه دلالة وهي صحيحة معاوية بن وهب (1) المتقدمة فإنها مشتملة على المعاملة معها معاملة الصلاة الصحيحة بعد التنزل عن دلالتها على انعقادها جماعة فلما أصر الراوي وطلب منه الصلاة في بيته ثم الصلاة معهم قال أنت وذاك. ونتيجته الرخصة في الصلاة معهم ابتداء، أو الصلاة في بيته ثم الصلاة صورة معهم، فلا بد من حمل النهي على الكراهة لأن الصحيحة نص في الرخصة، أو حمله على مراتب التقية فربما يقتضي إيقاع صلاته معهم لمراقبتهم له وربما ليس الأمر بتلك المثابة فله أحد الأمرين. فتدبر.
الرابع: بناء على انعقادها فرادى لا بد فيها من القراءة كما قضت به النصوص الكثيرة وفي قبالها ما تقدم من رواية زرارة (2) من قوله (عليه السلام): " ولا تقرء " وصحيحة معاوية بن وهب (3) لا من حيث إن الانصات بمعنى السكوت ليقال إنه بمعنى الاصغاء المجامع مع القراءة لئلا ينافي ما دل على القراءة بل لما تقدم تقريبه من اقتضاء خصوصية السؤال والجواب، وإن قلنا بأن الانصات بمعنى الاصغاء وقوله (عليه السلام) في خبر علي بن سعد (4): " واحتسب ما تسمع " والجمع الدلالي وإن كان يقتضي حمل النهي إما على الكراهة، أو أنه في مقام دفع توهم الوجوب، نظير الأمر في مقام دفع توهم الحظر، وحمل أوامر القراءة بناء على الوجه الأول على مجرد توهم الحظر باعتبار أنها جماعة صورة وعلى الاستحباب بناء على الوجه الثاني وإلا فلا يمكن الجمع بين الكراهة والاستحباب في موضوع القراءة إلا أن سقوط القراءة وعدم لزومها فضلا عن كراهتها على خلاف كلمة الأصحاب كما نبه عليه في