وبهذه الرواية يقيد إطلاق رواية حميد بن المثنى العجلي (1) قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسأله حفص الكلبي فقال: " كنت خلف إمام وهو يجهر بالقراءة فأدعو وأتعوذ " قال: " نعم فادع " فإنه ينبغي حملها على ما إذا لم يمنع الدعاء عن الاصغاء. ومما ذكرنا يتضح: حال ما إذا سمع المأموم قراءة الإمام في الاخفاتية، فإن مناط الانصات هو سماع القراءة، لا خصوص الاجهار بها وعنوان الاجهار المأخوذ في هذه الرواية وغيرها لأن الغالب في الاخفاتية عدم السماع وإلا فملاك استحباب الانصات سماع القرآن، كما هو ظاهر القرآن والله أعلم.
ثالثها: إذا سمع ما يشك في كونه صوت الإمام أو صوت غيره، فإن قلنا بوجوب القراءة عليه مع عدم سماع قراءة الإمام وبحرمتها مع سماعها، فيدور الأمر بين المحذورين وحكمه التخيير بين الفعل والترك عقلا، وكذا إذا قلنا بالكراهة والاستحباب في صورتي عدم السماع والسماع، وأما إذا قلنا بوجوب القراءة مع عدم السماع، واستحباب تركها مع السماع، فالظاهر جواز القراءة وتركها لعدم تعلق العلم الاجمالي بحكم إلزامي على أي تقدير حتى يتنجز به الحكم والأحوط في هذه الصورة اختيار القراءة.
رابعها: هل يعتبر القيام حال قراءة الإمام، أو الطمأنينة فيه في تلك الحال، فإن كان القيام من واجبات الصلاة بنفسه وإن كان شرطا أيضا للتكبيرة وللقراءة وللركوع عنه فلا إشكال في وجوب رعايته، لأن الإمام ضامن لخصوص القراءة لا لسائر واجبات الصلاة، كما هو مفاد بعض الأخبار، وإن لم يكن كذلك بل كان شرطا ركنيا للتكبيرة وللركوع عنه، وشرطا غير ركني للقراءة فلا يجب القيام حال القراءة ولا الطمأنينة حيث لا يجب عليه المشروط به فكيف يحب شرطه لا أن القيام تبعا للقراءة في ضمان الإمام حتى يقال: لا دليل إلا على الضمان للقراءة دون غيرها. ومنه علم حال الطمأنينة، وينسب إلى المشهور أن القيام بنفسه من واجبات الصلاة، ولم أتحقق النسبة. وظني أن المراد أنه من واجبات القراءة وإن لم